لِلنَّاسِ ) (١) . فالحديد وأضرابه ، هو الذي يدير عجلة الحضارة ، وبفقدانه شللها التام .
وأشبه الكفر والظلم ، الزبد الذي يرغو على وجه الماء والمعادن المنصهرة ، لا يستفاد منه ولا يعتمد عليه في شيء .
٢ ـ إنّ الباطل ربما يصير حجاباً عن الحق ، فيكون مانعاً بينه وبين طالبه ولكن هذا الحجاب سرعان ما يزول ويتجلى وجه الحقيقة بصورته الواقعية ، تماماً كما أنّ الزبد يعلو وجه الماء ويوجب برغوته حدوث غشاوة ساترة لما تحته ، والإنسان الجاهل يحسب أن لا شيء تحته سوى العفن والطين والتراب ، ولكن سرعان ما تخمد رغوته ، وتنقشع غشاوته ، ويتجلى الماء صافياً زلالاً ، أو الأتربة المنصهرة ، معادن وفلزات نفيسة ونافعة .
فالأفكار الإلحادية ربما تستر وجه الحق ، وتحول بينه وبين طالبه ، لكن تعلقت مشيئته سبحانه على إحقاق الحق ومحو الباطل .
قال سبحانه : ( وَيَمْحُ اللَّـهُ الْبَاطِلَ ، وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ ) (٢) .
وقال سبحانه : ( وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ، إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا ) (٣) .
٣ ـ إنّ الوجود النازل من عنده تعالى على الموجودات ، خال في نفسه عن الصور والأقدار ، وإنّما يَتَقَدَّر من ناحية الأشياء ، أنفسها ، كماء المطر النازل من السحاب على ساحة الأرض ، خال في نفسه عن الصور والأقدار ، وإنّما يحتمل من القدر والصورة ما يطرء عليه من ناحية قوالب الأودية ، ومجاري الأنهار ، والسواقي ، والأحواض والبرك والمستنقعات ، المختلفة في الأقدار والصور .
فالحق فيض إلهي ، يأخذ منه كل إنسان بحسب لياقته وسعة ذهنه . فمن
__________________
(١) سورة الحديد : الآية ٢٥ .
(٢) سورة الشورى : الآية ٢٤ .
(٣) سورة الإسراء : الآية ٨١ .