الموت فيها على غيرنا كُتِب ، وكأنّ الحق فيها على غيرنا وَجَب ، وكأنّ الذي نُشَيّع من الأموات سَفَر ، عمّا قليل إلينا يرجعون » .
وأنت إذا قارنته بما ورد في الذكر الحكيم في هذا المضمار ترى التفاوت بينهما بينا .
يقول سبحانه : ( وَمَا هَـٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ، وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) (١) .
فهما قد اتّفقا على وصف معنى واحد ، وهو الموت والعود إلى الآخرة ، وتصرّم الدنيا وانقضاء أحوالها ، وطيّها ، والورود إلى الآخرة ، ولكن القرآن متميز في تحصيل هذا المعنى وتأديته بأسلوب خاص ، تمييزاً لا يدرك بقياس ، ولا يعتوره التباس .
وهكذا ، لاحظ قول علي عليه السلام : « أَمْ هذا الذي أنشأه في ظُلُمات الأرحام ، وشُغُف الأستار ، نُطفة دهاقا ، وعلقة محاقا ، وجنينا ، ووليدا ، ويافعا » (٢) .
ثم قارنه إلى قوله تعالى : ( فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ، ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ، ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ، ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ، لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ ، وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ، ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ، ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ) (٣) .
فإنك ترى الأسلوبين يتغايران جوهراً ، ولا يجتمعان في شيء .
نوع آخر من المقارنة
وهناك نوع آخر من المقارنة يتجلى فيها التفاوت بوضوح بين الأسلوبين ، وهو ملاحظة خطَب الرسول الأعظم وأمير المؤمنين عليهما السلام ، عندما يخطبان
__________________
(١) سورة العنكبوت . الآية ٦٤ .
(٢) نهج البلاغة ، الخطبة ٨٣ .
(٣) سورة الحج : الآية ٥ .