معلنة لا تنقطع في سلسلة الزمان كما ثبت ذلك في علم الكلام.
وأما الاختلاف في الفترة بين الرسولين فكثر ، فذهبت الإماميّة إلى أنّها خمسمائة سنة كما في الرواية ، وذهب قتادة وغيره إلى أنّها ستمائة سنة أو ما شاء الله من ذلك ، وعليه الجمهور ، وذهب الضحاك إلى أنّها أربعمائة سنة وبضعا وثلاثين ، وذهب ابن جريح إلى أنّ الفترة كانت خمسمائة سنة ، وقال الكلبي : خمسمائة وأربعون.
ويمكن الجمع بين الأقوال بأنّها على سبيل الاستنتاج من سلسلة الزمان ، وأنّه على نحو التقريب لا التحديد الواقعي ، ومثل هذا الاختلاف وإن كان كثيرا ، إلّا أنّه لا يضرّ بشيء ، ولا يترتب عليه أي حكم ، والله العالم.
وعن البيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : «دعا رسول الله صلىاللهعليهوآله اليهود إلى الإسلام فرغّبهم فيه وحذّرهم ، فأبوا عليه ، فقال لهم معاذ بن جبل ، وسعد بن عبادة ، وعقبة بن وهب : يا معشر اليهود اتّقوا الله ، فو الله إنّكم لتعلمون أنّه رسول الله ، لقد كنتم تذكرونه لنا قبل مبعثه ، وتصفونه لنا بصفته ، فقال رافع بن حريملة ووهب بن يهودا : ما قلنا لكم هذا ، وما أنزل الله من كتاب من بعد موسى ولا أرسل بشيرا ولا نذيرا بعده ، فأنزل الله تعالى : (يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ ـ الآية)».
أقول : الرواية تدلّ على عناد اليهود وانحرافهم عن الفطرة المستقيمة وإنكارهم للحقّ الواضح ، ويظهر منها مصلحة الفترة ، أي : حتّى يعترفوا بالحقّ ويقرّوا به فيها ، وقد كشف القرآن الكريم عن نواياهم الفاسدة بعد ذلك ، والله العالم بالحقائق.
وعن البيهقي في الدلائل عن ابن عباس في قوله تعالى : (وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ) ، قال : «أتى رسول الله صلىاللهعليهوآله ابن ابيّ وبجرى بن عمر وو شاس بن عدي ، فكلّمهم وكلّموه ، ودعاهم إلى