باختيارها أنزلت البلايا ، فإنّ العذاب والنكبات مسببات لا بدّ لها من أسباب ـ سواء كانت ظاهريّة أو معنويّة ، طبيعيّة كانت أو شرعيّة ـ وقد يكون العذاب يؤثّر تأثيرا معاكسا ، بحيث تصلح النفس ويتهذّب المجتمع وينشطه للقيام بإصلاح أسسه وركائزه ، وأكثر الأمم التي حلّ بهم العذاب كما يحكيه القرآن الكريم كان من قبيل ذلك. ومن هنا لا وقع للإشكال الذي ذكره بعض الفلاسفة من أنّ العذاب الإلهيّ ينافي محبّته لخلقه وعلاقته تعالى بهم ، لأنّ ذلك إما من الآثار الوضعيّة ، أو للإصلاح ، أو الكفّارة لبعض الأعمال السيئة ، أو للقرب إليه جلّ شأنه. ولذلك قال بعضهم : إنّ العذاب إن تعلّق به رضاه جلّت عظمته وإن كان دخول النار ، كان عذبا لأهله لا عذابا ، كما عن سيّد العرفاء أمير المؤمنين عليهالسلام في دعواته الشريفة ، ودعاء كميل أكبر دليل على ذلك.
بل عن بعض أكابر الصوفيّة إنكار العذاب من أصله ، ولكن لا يمكن الالتزام بذلك بالأدلّة العقليّة والنقليّة ، خصوصا بالنسبة إلى الكافرين والمنافقين. وللبحث تتمّة نتعرّض لها إن شاء الله تعالى.