وفي الكافي أيضا بإسناده عن سماعة ، عن الصادق عليهالسلام قال : «قلت له : قول الله عزوجل : (مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) ، قال : من أخرجها من ضلال إلى هدى فكأنّما أحياها ، ومن أخرجها من هدى إلى ضلالة فقد قتلها».
أقول : المراد من الحياة والممات في الرواية الحياة المعنويّة والممات المعنويّ ، كمن أخرجها من الكفر إلى الإيمان ، وتقدّم سابقا أنّهما أفضل من الحياة الجسميّة ، كما تدلّ عليه الآيات المباركة والروايات المستفيضة ، والرواية من باب التطبيق على أكمل الأفراد وأجلاها ، أو من باب التأويل الأعظم كما في بعض الروايات ، ولا تنافي النجاة من الحرق والغرق وغيرهما ، لشمول الإحياء له كما هو المعلوم.
وفي الكافي بإسناده عن معاوية بن عمار ، عن الصادق عليهالسلام قال : «من يسقي الماء في موضع يوجد فيه الماء ، كان كمن أعتق رقبة ، ومن سقى الماء في موضع لا يوجد فيه الماء ، كمن أحيا نفسا ، ومن أحياها فكأنّما أحيا الناس جميعا».
أقول : الرواية من باب ذكر بعض الأفراد والمصاديق.
وعنه بإسناده أيضا عن حمران قال : «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : اسألك أصلحك الله تعالى؟ فقال : نعم ، فقلت : كنت على حال وأنا اليوم على حال أخرى ، كنت ادخل الأرض فأدعو الرجل والاثنين والمرأة ، فينقذ الله من يشاء أن اليوم لا ادعو أحدا؟ فقال : وما عليك أن تخلي بين الناس وبين ربّهم ، فمن أراد الله أن يخرجه من ظلمة إلى نور أخرجه ، ثمّ قال : ولا عليك إن أنست من أحد خيرا أن تنفذ إليه الشيء ابتداء ، قلت : أخبرني عن قول الله عزوجل : (وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) ، قال : من خرق أو غرق ، ثمّ سكت ، ثمّ قال : تأويلها الأعظم إن دعاها فاستجابت له».
أقول : ورد في كثير من الروايات أنّ دعاء المؤمن لأخيه في ظهر الغيب لا يردّ ، وأنّ تأخير الآثار لا ينافي ذلك. وتبدّل الحالات النفسانيّة في الإنسان كثير ، مؤمنا كان أو كافرا ، والرواية من باب التطبيق ، ولعلّ المراد من التأويل الأعظم