ذكر أجلى المصاديق وأكملها للآية المباركة ، وهو المراد من ذلك في كلمات الأئمة عليهمالسلام.
وفي الدرّ المنثور عن علي عليهالسلام : «انّ النبي صلىاللهعليهوآله قال : بدمشق جبل يقال له قاسيون ، فيه قتل ابن آدم أخاه».
أقول : على فرض صحّة الرواية ، فإنّها لا تنافي أن يكون الدفن في محلّ آخر ، لما في بعض الروايات : «مكث يحمل أخاه في جراب على رقبته سنة».
وفي الدرّ المنثور عن البراء بن عازب قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ما قتلت نفس ظلما إلّا كان على ابن آدم القاتل الأوّل كفل من دمها ، لأنّه أوّل من سنّ القتل».
أقول : وقريب منه غيره ، وإنّها مطابقة لقاعدة : «من سنّ سنّة سيئة فله وزر من عمل بها» ، ولعلّ هذا هو المراد من ذيل الآية المباركة : (فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً) ، فتأمّل جيدا.
وعن ابن عباس في قوله تعالى : (أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) قال : «من قتل نبيّا أو إمام عدل ، فكأنّما قتل الناس جميعا».
أقول : الآية المباركة مطلقة ، وما ذكره ابن عباس من باب أكمل الأفراد وأجلى المصاديق أو الأولويّة ، لا من باب التخصيص.
وفي الدرّ المنثور بإسناده عن الحسن قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّ الله لا يقبل عمل عبد حتّى يرضى عنه».
أقول : رضاء الله تعالى عن عبده يلازم التقوى وهي المناط ، لأنّ غيرها لا يقبل ، ولا يدور الإخلاص إلّا عليها ، ولكنّ الواعظين بها كثيرون والعاملين بها قليلون ، وللتقوى مراتب مختلفة ودرجات كثيرة ، كما أنّ رضاه تعالى كذلك.
واعلم : أنّ هناك روايات ذكرها السيوطي في الدرّ المنثور تدلّ مضامينها على ذمّ الانقياد والجلوس بترك الدفاع ، وأنّ هابيل ترك الدفاع عن نفسه ، فوقع القتل عليه.