الحبس ، لكنّه لا دليل عليه ، سيما بعد كونهما عقوبتين.
ولفظة «أو» إنّما تدلّ على التفصيل والترديد ، المقابل لمطلق الجمع ، وأما الترتيب أو التخيير فلا بدّ أن يستفاد من القرائن الخارجيّة ، لأنّ المحاربة والفساد على مراتب متفاوتة جدا ووجوه شتّى ، فقد شرّعت لكلّ مرتبة منها عقوبة معينة وحدّ خاصّ ، وفي الروايات المروية عن الأئمة الهداة عليهمالسلام الدلالة على أنّ الحدود الأربعة مترتّبة بحسب درجات المحاربة والإفساد ، وسيأتي نقل بعضها إن شاء الله تعالى.
وقيل : إنّ (أو) للتخيير ، فللإمام أن يحكم على من يشاء من المحاربين ، ويمكن إرجاعه إلى ما سبق ، وإلّا فلا دليل عليه في المقام ، كما عرفت آنفا.
قوله تعالى : (ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا).
الخزي الفضيحة والذلّ ، أي : ذلك الجزاء من القتل ، والصلب ، والقطع ، والنفي ذلّ وهوان للمحاربين المفسدين في الدنيا ، ليكونوا عبرة لغيرهم من المفسدين.
قوله تعالى : (وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ).
لا يعلم قدره لعظم جنايتهم. وإنّما اقتصر في الدنيا على الخزي وفي الآخرة على العذاب ، لأنّ الخزي في الدنيا أعظم من عذابها ، وعذاب الآخرة أعظم من الخزي في الدنيا.
والآية المباركة تدلّ على الجمع بين عقاب الدنيا وعذاب الآخرة ، وهو يدلّ على عظم الجناية لما لها الأثر الكبير في النفوس وتدنيسها بارتكاب الفواحش والآثام ، وقلّما تكون جناية يجمع فيها بين الأمرين ، فإنّه قد دلّت روايات متعدّدة على أنّ الحدّ في الدنيا والجزاء الدنيويّ يرفع العقاب في الآخرة ، إلّا في بعض الجنايات ، منها هذه الجناية ، كما تدلّ عليه الآية الشريفة ، فلا يستفاد منها قاعدة كلّية.
قوله تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ).
الاستثناء من عقاب المحاربين المفسدين في الأرض ، الذين حكم عليهم بالخزي في الدنيا والعذاب العظيم في الآخرة.