الفساد ليس كافيا في صدق عنوان المحارب على المفسد ، بل لا بدّ أن يكون سعيا منه في الفساد والإفساد. ولم يبيّن عزوجل خصوصيات الفساد في المقام ، لمعلوميته لدى كلّ عاقل ، وقد ذكر في القرآن الكريم من مصاديقه قتل النفس المحترمة ، قال تعالى حاكيا عن الملائكة : (قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ) [سورة البقرة ، الآية : ٣٠].
ومنها : قطع ما أمر الله به أن يوصل ، قال تعالى : (وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) [سورة البقرة ، الآية : ٢٧].
ومنها : إهلاك الحرث والنسل ، قال تعالى : (وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ) [سورة البقرة ، الآية : ٢٠٥].
ومنها : ترك بعض الأمور الاجتماعيّة الواجبة التي لها دخل في تنظيم المجتمع الإسلاميّ وإقامة أركان العدل الإلهيّ ، قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ) [سورة الأنفال ، الآية : ٧٣].
ومنها : الطغيان في البلاد ، قال تعالى : (الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ) [سورة الفجر ، الآية : ١١ ـ ١٢].
ومنها : ابتغاء العلو في الأرض ، قال تعالى : (لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً) [سورة القصص ، الآية : ٨٣] ، وقد ورد في شأن فرعون : (يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) [سورة القصص ، الآية : ٤].
ومنها : بخس النّاس أشياءهم ، قال تعالى : (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْياءَهُمْ