في كتاب الحدود من (مهذب الأحكام) ، من شاء فليرجع إليه.
ثمّ إنّ المستفاد من الآية المباركة والسنّة الشريفة أنّ حدّ المحارب هو ما تقدّم بلا طرو موجب آخر ، فمن شهر سيفا أو سعى في الأرض فسادا وقتل نفسا تؤخذ منه الدية لو رضي أولياء المقتول بها ثمّ يقتل ، لأنّه محارب ومفسد ، أو ينفى من الأرض حسب ما يراه الحاكم الشرعي ، كما ورد في رواية محمّد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «أصلحك الله ، أرأيت إن عفى عنه أولياء المقتول؟ فقال أبو جعفر عليهالسلام : إن عفوا عنه فعلى الإمام أن يقتله ، لأنّه قد حارب وقتل وسرق ، فقال أبو عبيدة : فإن أراد أولياء المقتول أن يأخذوا منه الدية ويدعونه ، ألهم ذلك؟ قال : لا ، عليه القتل» وتمام الكلام موكول إلى الفقه.
وفي تفسير علي بن إبراهيم بإسناده عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «من حارب الله وأخذ المال وقتل ، كان عليه أن يقتل ويصلب ، ومن حارب وقتل ولم يأخذ المال ، كان عليه أن يقتل ولا يصلب ، ومن حارب وأخذ المال ولم يقتل ، كان عليه أن يقطع يده ورجله من خلاف ، ومن حارب ولم يأخذ المال ولم يقتل ، كان عليه أن ينفى ، ثمّ استثنى فقال : (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ) ، يعني يتوبوا من قبل أن يأخذهم الإمام».
أقول : تقدّم ما يتعلّق بصدر الرواية ، وأما ذيلها فإنّ مقتضى سعة رحمته وبسط فضله وحبّه لخلقه أن يكون الأمر كذلك ، والله العالم.
وذكر السيوطي في الدرّ المنثور روايات توافق مضمونها مع ما تقدّم ، فلا حاجة إلى سردها والمناقشة في الأمور البسيطة فيها.
وفي الكافي بإسناده عن سورة بن كليب قال : «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : رجل يخرج من منزله يريد المسجد أو يريد حاجة ، فيلقاه رجل فيستقفيه فيضربه فيأخذ ثوبه؟ قال : أيّ شيء يقول فيه من قبلكم؟ قلت : يقولون هذه دغارة معلنة ، وإنّما المحارب في قرى مشركة ، فقال : أيها أعظم حرمة دار الإسلام أو دار الشرك؟ قلت : دار الإسلام ، فقال : هؤلاء من أهل هذه الآية (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ