يوجب الفوضى في المجتمع.
والرواية من باب التطبيق ، وإنّ نزول الآية في واقعة لا يصير مخصّصا لها ، كما هو واضح.
وفي الكافي بإسناده عن عمرو بن عثمان بن عبيد الله المدائني ، عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام قال : «سئل عن قول الله عزوجل : (إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ) ، فما الذي إذا فعله استوجب واحدة من هذه الأربع؟ فقال : إذا حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا ولم يقتل ولم يأخذ المال ، نفي من الأرض ، قلت : كيف ينفى في الأرض ، وما حدّ نفيه؟ قال : ينفى من المصر الذي فعل فيه ما فعل إلى مصر غيره ، ويكتب إلى أهل ذلك المصر أنّه منفيّ فلا تجالسوه ولا تبايعوه ولا تناكحوه ولا تؤاكلوه ولا تشاربوه ، فيفعل ذلك به سنة ، فإن خرج من ذلك المصر إلى غيره ، كتب إليهم بمثل ذلك حتّى تتمّ السنة ، قلت : فإن توجّه إلى أرض الشرك ليدخلها؟ قال : إن توجّه إلى أرض الشرك ليدخلها قوتل أهلها».
أقول : ظاهر الرواية الترتيب في إجراء الحدود بحسب اختلاف مراتب الفساد ، ولكن ذكرنا في الفقه أنّ ذلك يدور مدار نظر الحاكم الشرعيّ وما يترتّب من المصالح والمفاسد ، حسب اختلاف الظروف والأشخاص ، فيصنع بهم على قدر جنايتهم ، كما تدلّ على ذلك رواية جميل بن دراج عن الصادق عليهالسلام في تفسير الآية المباركة ، «قلت له : أيّ شيء عليهم من هذه الحدود التي سمّاها الله عزوجل؟ قال عليهالسلام : ذلك إلى الامام إن شاء قطع ، وإن شاء نفى ، وإن شاء صلب ، وإن شاء قتل. قلت : النفي إلى أين؟ قال عليهالسلام : ينفى من مصر إلى آخر ، وقال : إن عليّا عليهالسلام نفى رجلين من الكوفة إلى البصرة».
على أنّ سياق الآية المباركة يدلّ على ما ذكرنا من التخيير للإمام الذي يراعى المصالح ، وما دلّ على الترتيب يحمل على الأولويّة والأفضليّة ، وتقدّم البحث