وقوله تعالى : (وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا ...) كلام مستأنف لبيان كمال سوء حال الطائفة المذكورة. وقرئ : (ويقول) ، بالنصب عطفا على (فَيُصْبِحُوا). وقيل : على (أَنْ يَأْتِيَ) بحسب المعنى ، كأنّه قيل : عسى أن يأتي الله بالفتح ويقول الذين ... إلخ. وفيه كلام طويل ، وقد ذكرنا ما يتعلّق بذلك في التفسير أيضا فراجع.
وقوله تعالى : (أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا) اسم الإشارة مبتدأ وما بعده خبر ، والهمزة للإنكار ولها الصدارة في الكلام.
وجملة (إنّهم لمعكم) لا محلّ لها من الإعراب ، لأنّها تفسير وحكاية لما أقسموا به. و (جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) منصوب على أنّه مصدر ل (أقسموا) من معناه ، أي : أقسموا اقساما مجتهدا فيها ، وقيل : إنّه حال بتأويل مجتهدين ، وأصله يجتهدون جهد أيمانهم ، فالحال هي الجملة في الحقيقة. وقال غير واحد : إنّه لا ضير في تعريف الحال هنا ، لأنّها في التأويل نكرة.
وكيف كان ، فهو متعارض جهد نفسه إذا بلغ وسعها.
وجملة : (حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ) إما جملة مستأنفة مسوقة لبيان مآل أمرهم وعاقبة فعلهم من ادّعاء الولاية والقسم على المعيّة في كلّ حال ، ويكون الاستفهام للإنكار.
ويمكن أن تكون من جملة مقول المؤمنين بأن يجعل هو الخبر ، والموصول مع ما في حيز صلته صفة للمبتدأ ، فيكون الاستفهام حينئذ للتقرير ، وفيه معنى التعجّب ، وقيل غير ذلك ، وقد عرفت في التفسير بعض الكلام. وأغلظها أنّهم لمعكم ، وقيل : إنّ اسم الإشارة لليهود والنصارى ، وقوله : (معكم) خطاب للذين في قلوبهم مرض ، ويمكن العكس ، وجميع ذلك صحيح ، وقد ورد ما يناسبه في القرآن الكريم.
وكيفما كان ، فالآية الشريفة تعجيب لحالهم وتبجيل للمؤمنين وكرامة لهم ووعد بالنصرة والغلبة والجزاء الحسن ، ولا اختصاص لهذا القول بالدنيا ، بل هو صادر من المؤمنين في الآخرة أيضا بعد فضيحتهم ويأسهم وانقطاع أملهم. بل