بحوث المقام
بحث أدبي :
اختلف العلماء في إعراب الآية الشريفة اختلافا كبيرا ، وقد ذكرنا شطرا منه في التفسير ، ونذكر الشطر الآخر في هذا البحث.
قال بعض العلماء : إنّ الوجه مشتقّ من المواجهة ، واشتقاق الثلاثي من المزيد إذا كان المزيد أشهر في المعنى الذي يشتركان فيه شائع ، بل قال بعضهم : إنّ ما ذكر من منع الثلاثي من المزيد إنّما هو في الاشتقاق الصغير ، وأما في الاشتقاق الكبير الذي يكون بين كلمتين بينهما تناسب في اللفظ والمعنى ، فهو جائز.
ثمّ إنّهم اختلفوا في معنى (إلى) في قوله تعالى : (وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ) ، فقيل : إنّها بمعنى (مع) ، كما في قوله تعالى : (وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ) [سورة هود ، الآية : ٥٢] ، وقوله تعالى : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) [سورة آل عمران ، الآية : ٥٢] ، وقوله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) [سورة النساء ، الآية : ٢].
ويردّ عليه : أنّه لا إشكال في مجيء (إلى) بمعنى (مع) ، إلّا أنّ الآية المباركة كما تحتملها تحتمل أن تكون بمعنى (من) ، كما ذكره بعض أعاظم النحويين كابن هشام في المغني وغيره ، مستشهدين بقول الشاعر :
تقول وقد عاليت بالكور فوقها |
|
أيسقى فلا يروى إليّ ابن احمرا |
أراد منّي. ونحن في غنى عن هذا الخلاف ، فإنّ الآية الشريفة تدلّ على تحديد المغسول كما ذكرنا في التفسير ، فتكون (إلى) بمعناها الحقيقي وهو الانتهاء ، ومجيئها بمعان اخرى في غير المقام لا يصير دليلا على كونها في المقام كذلك ، لا سيما أنّ بعض الآيات التي استشهد بها في إثبات المطلوب إنّما كان لأجل قرائن خاصّة