وغيرهما ، لاختلاف النفوس والاستعدادات حسب الأفراد ، فإذا كان في امتثال الحكم حرج بحسب الأنظار العرفيّة والأمزجة الخاصّة ، يتبدّل الحكم أو يرتفع.
ومستند القاعدة الأدلّة الأربعة ، فمن الكتاب قوله تعالى : (ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ) وغيره كما يأتي.
ومن السنّة روايات مختلفة مذكورة في أبواب متفرّقة ، منها ما عن عبد الأعلى مولى آل سام قال : «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إنّي عثرت فانقطع ظفري فجعلت على إصبعي مرارة ، كيف أصنع بالوضوء؟ فقال عليهالسلام : تعرف هذا وأشباهه في كتاب الله تعالى : (ما يُرِيدُ اللهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ)».
ومن الإجماع ، فهو ممّا لا خلاف فيه بين المسلمين على اختلاف طوائفهم.
ومن العقل حكمه بقبح التكليف في مورد الضيق والشدّة ، وأنّ العسر على الإطلاق غير مرغوب فيه ، ولعلّ ما ورد عن نبيّنا الأعظم صلىاللهعليهوآله : «بعثت بالشريعة السمحاء السهلاء» في مقام الامتنان إشارة إلى ذلك.
وممّا تقدّم ظهر أنّ استيعاب محال الوضوء بالتراب في التيمّم ليكون على نحو الطهارة المائيّة ، حرج مرفوع لم يكلّف الله تعالى به العباد.
وهذه القاعدة لا تجري في حلّية المحرّمات ، فمن كان في حرج من عدم الاغتياب أو التهمة أو الكذب ، لا تحلّ له ، للإجماع ، ولأنّ مفسدة الارتكاب أكثر بمراتب عن مصلحة الترخيص. وأنّها مقدّمة على جميع الأحكام والقواعد حتّى قاعدة : «لا ضرر».
وذكرنا في كتابنا (تهذيب الأصول) الفرق بين الضرر المرفوع في الشرع والحرج ، بأنّ الأوّل أعمّ من الثاني.
وقاعدة «لا حرج» كقاعدة «لا ضرر» ترخيصيّة امتنانيّة ، لا أن تكون على نحو العزيمة ، وتظهر الثمرة فيما لو ارتكب العمل مع الحرج بناء على الترخيص ، يصحّ العمل دون العزيمة.