والثاني أهمّ من الأوّل ، وهو المراد به في المقام ، فإنّ به تحيى القلوب وتهتدي البصيرة ، وتستضيء به النفس ، ويسير به الإنسان في ظلمات الجهل والمادة ، ويسلك به الصراط المستقيم ، قال تعالى : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى. قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً. قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى) [سورة طه ، الآية : ١٢٦].
ويطلق على الرسول صلىاللهعليهوآله كما في قوله : (وَسِراجاً مُنِيراً) [سورة الأحزاب ، الآية : ٤٦] ، كما يطلق على القرآن الكريم كما في عدّة آيات ، قال تعالى : (وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ) [سورة الأعراف ، الآية : ١٥٧] ، وقال تعالى : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً) [سورة النساء ، الآية : ١٧٤] ، وقال تعالى : (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنا) [سورة التغابن ، الآية : ٨].
كما اطلق على ما انزل على الرسول صلىاللهعليهوآله من الأحكام والإرشادات والتوجيهات ، أي الإسلام ، قال تعالى : (يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) [سورة البقرة ، الآية : ٢٥٧].
ويطلق على الفطرة أيضا ، قال تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ) [سورة النور ، الآية : ٤٠].
ويطلق على العقل أيضا ، كما في عدّة من الروايات التي ذكرت في كتاب العقل والجهل.
ويطلق النور على الله تعالى ، كما في قوله تعالى : (اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ) [سورة النور ، الآية : ٣٥] ، ولكنّ هذا النور الحقيقي لا يعلم أحد كنهه إلّا الله تعالى ، فهو الحياة ، والعلم ، والإرادة وغيرها من صفات ذاته عزوجل ، ومن هذا النور يستضيء سائر الأنوار. وسيأتي تفصيل الكلام فيه إن شاء الله تعالى.
ولأجل اختلاف المصاديق ، اختلف العلماء والمفسّرون في المراد به ، فقيل : إنّه