للشرائط المعتدل الفهم المتتبع في الفقه ، المأنوس بمذاق الأئمة عليهمالسلام وبكيفية معاشرتهم مع العامة ، وكثرة اهتمامهم بنشر الأحكام ولو بواسطة غير شيعتهم وترى بالوجدان أنه ربما يكون الفاسق أسرع في نشر الخبر من العادل المتعبد المشغول بتزكية نفسه. وقد وثّق ابن عقدة ، والمفيد ، وابن شهرآشوب والطبرسي أربعة آلاف رجل من أصحاب الصادق عليهالسلام ، ومع توثيقهم لهؤلاء وهم من أعاظم المتتبعين في تلك الطبقة فكيف ينبغي أن يؤخذ بتضعيف كل أحد؟! خصوصا من كان في أول مراجعته وتدوينه للرجال ، وعن بعض المتتبعين دعوى أصالة الصدق في رواة الأحكام إلا ما خرج بالدليل ، كأصالة الصحة في أفعال الأنام كذلك.
ثم إن التضعيف والجرح لا بد وأن يرجعا إلى جهة الصدق فقط ، إذ لا موضوعية للعدالة في الراوي ، وإنما هي طريق لإحراز الصدق فقط ، والجرح والتضعيف من سائر الجهات إن رجعا إلى التكذيب بالملازمة العرفية أو الشرعية أو العقلية فهو ، وإلا فلا أثر لها ، ومن ذلك تنسدّ أبواب كثير من التضعيفات والجرح ، كما لا يخفى.
الخامسة : من تتبع أقوال علماء الرجال قدس سرّهم يرى أن اهتمامهم بالتضعيف أكثر من اهتمامهم بالتوثيق ، بل ربما يرى من بعضهم الحرص على ذلك ، ولعله لما ارتكز في أذهانهم من أصالة عدم الحجية ، ولم أر من الأئمة عليهمالسلام ولا من خواص أصحابهم بل ولا من جميع أصحابهم هذا النحو من الاهتمام بالنسبة إلى نقل الحديث في ما تفحصت عاجلا ، بل مقتضى إطلاق قولهم عليهمالسلام : «اعرفوا منازل الناس على قدر روايتهم عنا» ، وإطلاق قولهم عليهمالسلام : «رحم الله امرءا أحيا أمرنا. قلت : وكيف يحيي أمركم؟ قال عليهالسلام : يتعلّم علومنا ويعلمها الناس ، فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لا تبعونا» ، وإطلاق موثق الحلال : «قلت لأبي الحسن الرضا عليهالسلام : الجل من أصحابنا يعطيني الكتاب ولا يقول : اروه عني