يجوز لي أن أرويه عنه؟ فقال عليهالسلام : إذا علمت أن الكتاب له فاروه عنه» ، وقول الصادق عليهالسلام : «قال أمير المؤمنين عليهالسلام : إذا حدثتم بحديث فأسندوه إلى الذي حدّثكم ، فإن كان حقا فلكم ، وإن كان كذبا فعليه». وقول أبي جعفر عليهالسلام في صحيح الحذاء : «والله إن أحب أصحابي إليّ أورعهم وأفقههم ، وأكتمهم لحديثنا ، وإن أسوأهم عندي حالا وأمقتهم الذي إذا سمع الحديث ينسب إلينا ويروى عنا فلم يقبله اشمأز منه وجحده وكفر من دان به ، وهو لا يدري لعل الحديث من عندنا خرج وإلينا اسند ، فيكون بذلك خارجا عن ولايتنا» ، وقول النبي صلىاللهعليهوآله في المستفيض نقله بين الفريقين : «نضّر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها وحفظها ، وبلّغها من لم يسمعها ، فرب حامل فقه غير فقيه ، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه» إلى غير ذلك مما لا يحصى. ومقتضى ذلك كله أن يكون الاهتمام بالتوثيق والعناية به أكثر بمراتب من التضعيف ، فيحكم بالضعف في خصوص ما لم يكن للوثوق طريق إليه أصلا ، فيكون مقتضى هذه الإطلاقات المتواترة إجمالا اعتبار كل خبر اسند إليهم عليهمالسلام إلا ما ثبت كذبه.
وعن بعض دعوى أصالة الصدق في أصحاب المعصومين عليهمالسلام نبيا كان أو إماما ، بل أصالة الصدق في أتباع الشخص مطلقا ، فالأصل العقلائي لجريان السيرة على استفادة آراء الشخص وآثاره وأقواله من أتباعه بلا شبهة فيه ولا ترديد مع ترتيب الأثر عليه.
السادسة : الوثوق والصدق من الامور المشككة التي لها مراتب متفاوتة. فأول مراتبها ظهور حال الراوي الذي يكون في مقام الاستناد مع التفاته ـ ولو ارتكازا ـ بأن قوله يصلح لأن يكون منشأ للأثر مع عدم أمارة على كذبه ، وبذلك يثبت أول مرتبة الصدق والوثوق ، فيشمله إطلاق ما دلّ على اعتبار خبر الصادق والموثق ، مضافا إلى السيرة العقلائية على الاعتبار أيضا ، إذ لم نر منهم التأمل في القبول بعد تحقق مثل هذا الظهور لهم.