خصوص الشبهة الموضوعية منها. وأما المفهومية فالأكثر متيقن الحرمة ، والأقل هو المشكوك ، فيرجع فيه إلى البراءة ، فإذا تردد مفهوم البكاء الحرام في الصلاة بين كونه مع الصوت ، أو مجرد البكاء ولو بلا صوت ، فالمتيقن إنما هو ما كان مع الصوت ، وفي غيره يرجع إلى الأصل ، وله نظائر كثيرة في الفقه. وحيث ان الاصوليين تعرضوا لبعض أحكام الخلل في المقام مع أنها من الأحكام الفقهية فنشير إلى بعضها ، وقد ذكرنا التفصيل في كتاب (مهذب الأحكام).
بعض أحكام الخلل :
وهو إما عن عمد أو جهل أو إكراه واضطرار أو عن سهو ، والجميع إما بالنقصان وإما بالزيادة. ولا ريب في كون النقيصة العمدية موجبة للبطلان ، إذ لا معنى للوجوب إلّا أن التعمد. في تركه موجب للبطلان ، ما لم يكن دليل على الخلاف ، كما في بعض أفعال الحج حيث ان تركه العمدي لا يوجب بطلان أصل الحج ، بناء على أنه جزء للحج وليس من الواجب في الواجب.
إن قيل : كيف يعقل الصحة مع فرض الجزئية والترك العمدي ، فإن كان ذلك مع بقاء وجوب الجزء حينئذ فهو من التناقض ، وإن كان مع زواله حينئذ فهو خلف.
يقال : ببقاء الوجوب وبترتب العصيان والكفارة ، وبعد ذلك ينزّل الشارع العمل الناقص منزلة التمام تسهيلا على الأنام ، كما يمكن أن يقال بزواله ، وحيث أنه مستند إلى اختياره يعاقب عليه ثم ينزّل الشارع الناقص منزلة التام تسهيلا وامتنانا. وقد ادّعي الإجماع على أن الجاهل بالحكم كالعامد إلا ما خرج بالدليل ، وظاهرهم التسالم على أن النقص عن إكراه واضطرار يوجب البطلان أيضا إلا مع الدليل على الخلاف ، ولو لا ظهور التسالم لأمكن التمسك بحديث الرفع للصحة بعد شموله لجميع الآثار ، كما تقدم. ومحل تنقيح الفروع إنما هو في الفقه.