وفيه : أنه خلاف الظاهر جدا ، لا يصار إليه إلا مع القرينة ، مع أنه تعقيد وخلاصته يرجع إلى التقدير والإضمار.
الرابع : ما عن شيخنا الأنصاري قدسسره وتبعه جمع من مشايخنا من نفي تشريع ما يوجب الضرر مطلقا ـ موضوعا كان أو حكما ، وضعيا كان أو تكليفيا ـ فيكون إخبارا عن نفيه في مقام التشريع لا في الخارج حتى يلزم الكذب ، كما في حديث الرفع حيث تقدم أن الرفع في مقام التشريع لا ينافي الوجود التكويني. ولا ريب أنه لا تشريع ، للضرر في الشريعة المقدسة الإسلامية مطلقا ، بل عند العقلاء ولو لا أن صاحب الكفاية صرح بتضعيف قول شيخه الأنصاري وظهور الثمرة بين القولين ، لأمكننا إرجاع قوله إلى قول شيخنا الأنصاري ، ولكنه أنتج على ما اختاره في المقدمة الرابعة بين القولين من الانسداد ، عدم حكومة دليل نفي الضرر والحرج على الاحتياط إن كان ضرريا أو حرجيا ، فإن لباب ما اختاره يرجع إلى أن الموضوع الضرري لا حكم له ، والأحكام الواقعية المجهولة لا ضرر في موضوعها أبدا ، وإنما الضرر يحصل من الجمع بين المحتملات في الامتثال ، فلا مورد لقاعدة الضرر بناء على مختاره حتى تجري ويرتفع بها الاحتياط ، بخلاف مختار الشيخ رحمهالله فإن لبابه يرجع إلى أنه لا تشريع لمنشا الضرر أبدا ، والاحتياط التام منشأ للضرر في الشريعة فيرتفع بالقاعدة ، والحق أن مختار الشيخ رحمهالله أحق أن يتبع ، كما عرفت.
الرابعة : لا ريب في أنها من القواعد العامة التي استقرت سيرة الفريقين على التمسك بها في مقابل العمومات المثبتة للأحكام بلا كلام. وقد اشكل على عمومها بكثرة ورود التخصيصات عليها من الأحكام الضررية المجعولة شرعا ، بحيث يكون الخارج منها أضعاف الباقي فلا يصح التمسك بعمومها حينئذ ، مع أن القول بعمومها ابتداء من ورود هذه التخصيصات يكون من التخصيص المستهجن ، وهو قبيح في المحاورات العرفية.