المراد باليقين اليقين بعدم دخول شهر رمضان إن كان الشك في أوله ، وعدم خروجه إن كان في آخره. وأما إن كان المراد اليقين بتحقق دخوله في مقابل الظن به فلا ربط لها بالمقام. ويشهد لذلك الأخبار الدالة على أن شهر رمضان لا يصام بالظن.
ثم إنه قد يدعى دلالة مثل قوله عليهالسلام : «كل شيء لك حلال حتى تعلم أنه حرام» ، و «كل شيء طاهر حتى تعلم أنه قذر» على الاستصحاب ، بدعوى : دلالة الحكم باستمرار ما ثبت إلى ظرف الشك.
وفيه : أنه من مجرد الاحتمال الذي لا يصلح للاستدلال ، كما يحتمل دلالته على الحكم الواقعي فقط ، أو هو والاستصحاب ، أو هما والحكم الظاهري ، ولكن الكل من مجرد الاحتمال ، والظاهر منه الأخير ، كما لا يخفى على الخبير.
هذه جملة من الأخبار التي استدل بها على الاستصحاب ، وفي بعضها كفاية لإمضاء السيرة العقلائية فضلا عن تمامها.
ولا بد بعد ذلك من التأمل في أن مورد السيرة عامة لجميع أقسام الاستصحاب أو تختص ببعضها دون بعض. مقتضى الوجدان هو الأول ، فيشمل الشك في المقتضي والرافع والغاية ، وهكذا إطلاق الأخبار شامل للجميع أيضا ، فإذا عمت السيرة ولم يردع عنها رادع شرعي يكفي في عموم اعتبار الاستصحاب ، فكيف بما إذا قررت بإطلاق أخبار الباب ، فلا وجه بعد ذلك لإثبات الاختصاص بخصوص الشك في الرافع استظهارا من مادة النقض الواردة في الأخبار باختصاصها بما احرز فيه المقتضى وشك في الرافع ، وأنها لا تشمل الشك في المقتضى ، لأن النقض يرد على ما فيه الاستحكام في الجملة وهو متحقق مع إحراز المقتضي ، وأما مع الشك فيه فلا استحكام في البين حتى يصح إطلاق النقض عليه.