والندب ، لثبوت الأمر الذي يتقوّم به العبادية ، فيتحقق موضوع حسن الاحتياط حينئذ.
وأما مع دوران الأمر بين الوجوب وغير الندب أو الندب وغير الوجوب ، فقد اشكل في جريانه فيها بعدم إحراز الأمر حينئذ ، والمفروض أن العبادية متقوّمة بذلك ، ومع عدم تحقق العبادية لا يتحقق موضوع حسن الاحتياط أيضا ، لأنه عبارة عن إتيان المتعلق بجميع ما اعتبر فيه جزء وشرطا بعنوان الاحتياط.
واجيب عن هذا الإشكال بوجوه :
منها : ما عن المحقق الأنصاري قدسسره من إنكار الاحتياط فيها رأسا ، فقال : (وفي جريان ذلك في العباديات عند دوران الأمر بين الوجوب وغير الاستحباب وجهان : أقواهما العدم).
ويرد عليه : أنه مخالف مع ما في رسائله العملية وكتبه الاستدلالية الفقهية ، كما لا يخفى على من راجعها.
ومنها : أن من حسن الاحتياط عقلا يستكشف الأمر بقاعدة الملازمة شرعا.
وفيه .. أولا : أن الحسن يتعلّق بذات الاحتياط من حيث هو ، والأمر الذي يراد إثباته إنما هو بالنسبة إلى متعلّقه لا ذاته ، ولا ربط لأحدهما بالآخر.
وثانيا : أن مورد قاعدة الملازمة هو الحسن الذاتي الذي يكون وصفا بحال الذات ، وحسن الاحتياط طريقي محض لا ذاتية فيه بوجه ، فلا وجه لأن يكون مورد قاعدة الملازمة.
ومنها : أن من ترتب الثواب يستكشف الأمر ، لكون الثواب معلولا للامتثال وهو معلول الأمر.
وفيه : أن ترتب الثواب أعمّ من امتثال الأمر ، كما مرّ في بعض المباحث السابقة ، مع أن الكلام في أصل ثبوت الأمر واقعا لا في طريق استكشافه في