وأما استصحاب الوجوب عند تعذر بعض أجزاء المركب ، فإن اريد به الوجوب الغيري المحض فلا وجه له ، لكونه معلوم الارتفاع ، مضافا إلى ما تقدم من عدم الوجوب الغيري للأجزاء ، وكذا إن اريد به المردد بين الغيرية والنفسية ، لكونه مرددا بين ما هو معلوم الارتفاع ومشكوك الحدوث ، بل وكذا إن اريد بها النفسي المحض للعلم بزواله بتعذر بعض الأجزاء.
نعم ، لا بأس باستصحاب مقدار من الوجوب النفسي الانبساطي لا المقدمي ولا النفسي بتمام حدوده ، وحينئذ فإن دلّ على تنزيل الفاقد منزلة الواجد والاكتفاء بالميسور عن المعسور فهو ، ولا تصل النوبة معه إلى التمسك بالأصل ، وإلا فلا طريق لنا لإثبات البقية بالأصل ، وتقدم في بحث الاشتغال ما ينفع المقام.
التنبيه الرابع عشر :
يعتبر في الاستصحاب اتحاد القضية المشكوكة والمتيقنة ، إذ مع عدمه يكون من إثبات حكم ثابت في موضوع لموضوع آخر مغاير له ، وبطلانه غني عن البرهان وموافق للوجدان.
والاتحاد إما عقلي أو عرفي ، أو بحسب المنساق من ظاهر الدليل. ولا وجه لاحتمال الأول ، لعدم كون الأحكام الشرعية مبنية على الدقيات العقلية. والأخير يرجع إلى الثاني ، لفرض أن الأدلة منزلة على العرفيات إلّا ما ورد فيه التعبد بالخصوص ، فيرجع لباب المقال إلى أنه يعتبر اتحاد القضية المشكوكة مع المتيقنة بنظر العرف المنزّل عليه الدليل ، وذلك كله مستغن عن البرهان والتعليل.
ثم إن العرف إنما يعتبر في المفاهيم المستفادة من الألفاظ المستعملة ، وما