الحكم الشرعي المجعول ، ومن حيث تعلّق القطع به يكون مورد حكم آخر ، ولا ريب في كونهما حيثيتين مختلفتين عرفا قابلتين لرفع محذور التماثل والتضاد.
ويردّ الرابع بأن الممنوع هو الخلو عن الحكم الواقعي النفس الأمري دون الفعلي الظاهري ، فلنا أن نلتزم بعدم حكم للشارع ظاهرا ، وإن كان له فيها حكم واقعا.
فتلخّص : أنه يمكن جعل الحجية للقطع من الشارع ، كما يمكن له سلبها عنه ، وربما يأتي بعض ما ينفع المقام في مستقبل الكلام.
الثالثة : للحجية إطلاقات ثلاثة ..
منها : ما يصح الاعتذار والاحتجاج به ، وبهذا الإطلاق يصح إطلاقها على القطع وجميع الأمارات المعتبرة ، بل والاصول العملية والقواعد الفقهية أيضا ، ولا محذور فيه أبدا من عقل أو نقل.
ومنها : ما اصطلح عليه أهل الميزان ، وهو ما كان علة لتحقق الشيء وثبوته ويذكر في البرهان عليه ـ كالتغير الذي هو علة للحدوث ، ويذكر في البرهان على الحدوث ، فيقال : العالم متغير ، وكل متغير حادث ، فالعالم حادث ـ وظاهرهم بل صريح بعض عدم صحة إطلاق الحجة بهذا المعنى على القطع ، لعدم كونه علة لثبوت المقطوع به ، بل يكون كاشفا عنه.
وفيه : إن القطع علة لثبوت المقطوع به الأوّلي الذاتي القائم بالنفس.
نعم ، هو كاشف عما يكون في الخارج وبينهما نحو اتحاد ، فيصح إطلاق الحجة بهذا المعنى عليه أيضا.
ولنا أن نفرض ما يكون القطع فيه علة للثبوت خارجا أيضا ، لأن القطع بشيء علة لاستحقاق العقاب على مخالفته والثواب على الموافقة ، فيقال ـ مثلا ـ هذا مقطوع الوجوب ، وكل مقطوع الوجوب يستحق العقاب على مخالفته ، فهذا يستحق العقاب على مخالفته ، فلا وجه لنفي إطلاق الحجة بهذا المعنى على