وفيه .. أولا : أن المتفاهم من قوله عليهالسلام : «لا تنقض اليقين بالشك» خصوصا بقرينة قوله عليهالسلام : «ويتم على اليقين ويبني عليه ولا يعتد بالشك في حال من الحالات» هو ترتب أثر اليقين وتقديمه على الشك مطلقا ، وقوله عليهالسلام : «ولا يعتد بالشك ...» كالمفسر لقوله عليهالسلام : «لا تنقض اليقين بالشك» ، وظهور إطلاق المفسر (بالكسر) مقدم على احتمال الإجمال في المفسر (بالفتح).
وثانيا : أنه لا ينحصر أن يكون الاستحكام المناسب لإطلاق النقض في خصوص إحراز المقتضي فقط ، بل هناك شيء آخر يصح الإطلاق بلحاظه أيضا بل هو المتعين عرفا ، وهو استحكام نفس اليقين والحجة المعتبرة السابقة في مقابل الشك والتردد اللاحق ، فكأنه عليهالسلام قال : اليقين والحجة المعتبرة مستحكم ، لا ينقض أثرهما بالشك والتردد. ولمكان الاتحاد الاعتباري بينهما وبين متعلّقهما يسري الاستحكام إليه أيضا ، سواء كان من الشك في المقتضي أو في الرافع ، والعرض على العرف أولى دليل لدفع هذه المناقشة ، ومقتضى الإطلاق الشمول للجميع من الشك في المقتضي والرافع ، والوجودي والعدمي ، والتكليفي والوضعي ، وأما وجه عدم شمولها لقاعدتي الشك الساري ، والمقتضي والمانع فقد تقدم سابقا ، فراجع.
ولا بد من التنبيه على امور :
التنبيه الأول :
لا ريب في انقسام الأحكام المجعولة ـ بالمعنى الأعم من التأسيس والإمضاء ـ إلى التكليفية والوضعية. والاولى ما يتعلّق بأفعال العباد بلا واسطة ، وتنحصر في الخمسة ـ الواجب والحرام والندب والكراهة والإباحة ـ المعروفة. والأخيرة بخلافها ، ولها نحو تعلق بالاولى في الجملة ، والمرجع في أقسامها