إن قلت : هذا صحيح في ما إذا حصل الاضطرار قبل التنجز ، وأما إذا حصل بعده فقد أثّر العلم الإجمالي أثره ، فيستصحب التنجز في غير المضطر إليه.
قلت : التنجز في أطراف العلم الإجمالي إنما هو لأجل المقدمية لا النفسية المستقلة ، ومع سقوط التنجز عن بعض الأطراف للاضطرار تسقط المقدّمية لا محالة فيصير استصحاب التنجز بلا ملاك.
ويرد عليه : أن ملاك التنجز في الأطراف إنما هو لزوم تحصيل العلم بالامتثال ، وهذا متحقق في المقام ، لأنه لو ترك الطرف غير المضطر إليه يعلم بعدم ارتكاب الحرام في المعين ، إما لأجل الاضطرار إن كان في الطرف المضطر إليه ، وإما لأنه تركه واقعا إن كان في غيره.
إن قلت : هذا إذا كان الاضطرار إلى المعين ، وأما إذا كان إلى غير المعين فالترخيص المطلق ينافي استصحاب التنجز.
قلت : الترخيص فيه جهتيّ لا من كل جهة ، فله أن يرفع اضطراره بكل واحد منهما ، وليس له الترخيص في ارتكاب كليهما فيستصحب أصل التنجز في الجملة فيه أيضا.
فالحق أنه إن حصل الاضطرار بعد تنجز العلم يبقى الطرف الآخر على تنجزه ، سواء كان إلى المعين أو إلى غيره.
وعن بعض مشايخنا أن في الاضطرار إلى غير المعين يجب الاجتناب عن غير ما يدفع به الاضطرار مطلقا ، سواء كان قبل العلم الإجمالي أو بعده أو مقارنا له. وخلاصة ما أفاده في وجه ذلك أن الاضطرار إلى غير المعين لا ينافي إلزام الشارع ثبوتا بالاجتناب عن الحرام ، بأن يكلف المكلف بالاجتناب عما يختاره لو كان الحرام فيه ، ويلزمه برفع الاضطرار بغيره بخلاف الاضطرار إلى المعين ، فإنه لو كان الحرام فيه ليس للشارع إلزامه برفع اضطراره بغيره ، إذ