ويمكن الجواب عن ذلك : بأنه لا يلزم أن تكون كل علة أعم من المعلول خصوصا إذا لزم من التعميم المحذور ، وفي المقام تكون العلة مساوية مع المعلول ، فكأنه عليهالسلام قال : «خذ بالشهرات الثلاث فإنها لا ريب فيها بالنسبة إلى الشاذ الذي يكون في مقابل كل واحدة منها».
ولنا أن ندعي السيرة العقلائية على اعتبارها ، لأن أهل كل علم وصنعة من العلماء والعقلاء يعتمدون على ما اشتهر بينهم بهذا المعنى ، ويستدلون بها لا عليها ، وحينئذ يكفي عدم ثبوت الردع ولا نحتاج إلى إثبات الحجية.
وبعبارة اخرى : الشهرة بهذا المعنى من أحد طرق الاطمئنانات المتعارفة العقلائية الدائرة بينهم التي يعتمدون عليها في امور معاشهم ومعادهم. وعليه فلا موضوعية للشهرة من حيث هي ، بل تكون طريقا للوثوق بالحجة المعتبرة ، كما أن شهرة الهجران توجب الاطمئنان بالخلل في الصدور.
والمراد بالاطمئنان والوثوق فيهما النوعي منهما ، كما في سائر ما هو معتبر شرعا أو عند العقلاء ، فيكون الاطمئنان والوثوق حكمة الاعتبار ، لا أن يكون علة يدور مداره وجودا وعدما. وتتصف الشهرة ـ كالإجماع ـ بالمحصلة ، والمحققة ، والمنقولة ، ويجري عليها ما يجري في الإجماع.
ختام فيه امور :
الأول : لا فرق في الشهرة بأقسامها الثلاثة بين أن تكون موردها نفس الأحكام أو ما يتعلّق بها من موضوعاتها وما يتعلّق بها ، لشمول الدليل للجميع.
الثاني : حيث أنه غلب على القدماء قدس سرّهم التعبير بمتن الخبر ، فلفظ الواجب في كلماتهم أعم من الوجوب الاصطلاحي ، كما في الأخبار. وكذا «لا ينبغي» أعم من الحرمة ، فلا بد من ملاحظة القرائن الخارجية والداخلية في استفادة