مع أنه إنما يصح التمسك بالإطلاق بعد الفراغ عن صحة الإطلاق بدون القيد لا في ما شك في اعتباره في صحته ـ كما في المقام ـ إذ لم يحرز فيه صحة الإطلاق الواقعي حتى يصح التمسك بالإطلاق اللفظي ، فيكون من الشك في أصل التشريع. ولا وجه للتمسك في مثله بالإطلاق اللفظي لتفرّعه على صحة الإطلاق الواقعي ، ومع عدم صحة التمسك بالإطلاقات يتعين الرجوع إلى البراءة إلّا أنه مما يهوّن الخطيب أن المتفاهم بحسب العرف من احرز عجزه ، فتكون كالقرينة المحفوفة بالكلام فالقول بالاحتياط أولى.
ثم إنه لو كان شيء مورد الابتلاء من جهة وخارجا عنه من اخرى ، كما إذا كان الشخص صائما وكان عنده إناءان ، أحدهما المعين مضاف والآخر مطلق طاهر ، ووقعت قطرة من البول في أحدهما ، ولم يعلم أنها وقعت في أيهما ، فهل العلم الإجمالي منجز من حيث أنه صائم يحرم عليه الشرب أو لا تنجز فيه ، إذ لا يحدث العلم الإجمالي تكليفا جديدا بالنسبة إلى حرمة الشرب إليه ، فهل يجوز الوضوء بالمطلق لعدم جوازه بالمضاف قطعا قبل حدوث العلم الإجمالي بالنسبة إلى الوضوء تكليفا حادثا على كل تقدير؟ وجهان.
الخامس : الاضطرار وهو إما إلى تمام الأطراف أو إلى بعضها.
والأول يوجب سقوط العلم التفصيلي عن التنجز ، فكيف بالعلم الإجمالي نصا وإجماعا ، إذ «ما من شيء حرّمه الله تعالى إلا وقد أحلّه لمن أضطر إليه».
والثاني إما إلى المعين ، أو إلى غيره ، وكل منهما إما يكون قبل تنجز العلم أو بعده.
وقال صاحب الكفاية بعدم تنجز العلم في جميع الصور الأربع ، لأن من شرط تنجزه عدم الاضطرار إلى الارتكاب ، وبفقد الشرط ينعدم المشروط ، غير أنه قيل إنه عدل عن هذا الإطلاق.