وثالثة : بنائي ، بأن رأى المصلي نفسه فارغا عن الصلاة وكان بانيا عليه بحسب حاله ، ولا وجه لإرادة القسم الأول لمنافاته ، لتحقق الشك. وإرادة القسم الثاني يحتاج إلى دليل وهو مفقود ، مع أنه خلاف التسهيل والامتنان الذي تبتنى عليه مثل هذه القواعد ، فيتعين الأخير الموافق لسهولة الشريعة ، فكلما كان المصلي بانيا بحسب حاله على الفراغ عنها وشك في صحتها ، تجري القاعدة ، ولو كان منشأ الشك فيها الإتيان بالجزء الأخير ، وإن كان بانيا على أنه في هذه الصلاة تجري قاعدة التجاوز ، ولا تجري قاعدة الفراغ لعدم تحقق شرطها. وكذا لو شك في أنه بان على الفراغ أو لا ، لأنه حينئذ من التمسك بالدليل في الموضوع المشتبه ، بل تجري أصالة عدم فراغه عنها.
وأما الدخول في الغير فمقتضى الأصل والإطلاقات ، وظهور التسالم عدم اعتباره في مورد قاعدة الفراغ. وأما قول أبي عبد الله عليهالسلام في الصحيح : «إذا قمت من الوضوء ، وفرغت عنه وقد صرت في حالة اخرى من صلاة أو غيرها ، فشككت في بعض ما سمي الله تعالى عليك مما أوجب الله عليه لا شيء عليك». فهو توضيح للفراغ وبيان له ، لأن من اللوازم التكوينية للفراغ عن الشيء الصيرورة في حالة اخرى غير ما كان مشغولا به أولا ، وليس عليهالسلام في مقام بيان القيد الشرعي المعتبر في مورد القاعدة. ومن اعتبر الدخول في الغير في مورد قاعدة الفراغ ، فإن كان من جهة أنه من اللوازم التكوينية للفراغ عن الشيء ، فهو مسلم عند الكل. وإن أراد التعبد الشرعي ، فالأدلة قاصرة عن إثباته ، مع أن هذا النزاع ساقط من أصله بناء على كفاية مطلق الدخول إلى حالة اخرى عند من يعتبر الدخول في الغير فيها ، لأنه تكويني ـ اعتبر أو لم يعتبر ـ.
وأما قوله عليهالسلام في صحيح ابن أبي يعفور : «إذا شككت في شيء من الوضوء وقد دخلت في غيره فشكك ليس بشيء ، إنما الشك إذا كنت في شيء لم تجزه». فإن مرجع الضمير في (غيره) غير المشكوك فيه ، فيكون عبارة عن