موارد الحجة عن امتثال جميع أطراف العلم الإجمالي. وفي جميع هذه الصور لا أثر للعلم الإجمالي في غير موارد الحجة عند العقلاء ، سواء سمي هذا الانحلال حقيقيا أو حكميا ، إذ لا ثمرة عملية بين التعبيرين ، بل ولا علمية معتدا بها ، كما لا يخفى على أهله.
الثاني : أن الأصل في الأفعال غير الضرورية التي تقوّم بها نظام العباد والبلاد هو الحظر ، لأنه تصرف في سلطان المولى بدون إذنه وهو قبيح عقلا ، فلا يجوز الاقتحام فيها إلا مع الترخيص الشرعي.
ويرد .. أولا : بأن هذه المسألة خلافية غير مسلّمة ، فلا وجه لجعلها دليلا للمقام.
وثانيا : بأنها بحث عن حكم الأشياء قبل البعثة وظهور الشريعة ، وما نحن فيه بحث عن حكمها بعد تكميل الشريعة وعدم ظهور دليل لنا على حكم من الأحكام ، فلا ربط لإحداهما بالاخرى.
الثالث : قاعدة لزوم دفع الضرر المحتمل ، فإن اقتحام محتمل الحرمة مظنة للضرر ، والعقل حينئذ يحكم بعدم جوازه دفعا للضرر.
ويرد .. أولا : بالنقض بالشبهات الوجوبية.
وثانيا : بأنه إن اريد بالضرر العقاب فلا عقاب في البين ، لقاعدة قبح العقاب بلا بيان. وإن اريد به الضرر الدنيوي فهو ممنوع صغرى وكبرى ، كما مرّ في بعض أدلة حجية مطلق الظن.
فتلخص : أن أدلة القول بوجوب الاحتياط في ما لا نص فيه من الشبهات البدوية التكليفية ، قاصرة عن إيجابه فيها تحريمية كانت أو وجوبية.
وكذا الكلام بعينه في مورد إجمال النص أو تعارضه ، لعدم تمامية البيان الواصل إلى المكلف فيهما أيضا ، فتجري فيهما أدلة البراءة ، كما تجري في ما لا نص فيه ، إذ لا اعتبار بالمجمل ولا بما هو معارض بمثله لدى العرف والعقلاء ،