إلى الأكثر مشكوك فيه ثبوتا وإثباتا ، فلا علم بالتكليف بالنسبة إليه حتى يكون من الشك في المحصل ، فلا ربط لأحدهما بالآخر أصلا.
ثم إن الشك في الأقل والأكثر إما استقلالي ـ أي لا ترتبط الأجزاء بعضها مع بعض في مقام الامتثال ـ فيكون لكل جزء امتثال مستقل إن أتى به ومخالفة كذلك إن ترك ، كما لو علم بأصل الدين وتردد مقداره بين الخمسة أو أكثر ، وظاهرهم الاتفاق على البراءة بالنسبة إلى الأكثر عقلا ونقلا إلا في الفائتة المرددة بينهما ، فنسب إلى المشهور وجوب الأكثر ، وقد تقدم أنه لا دليل لهم على ذلك من عقل أو نقل.
وإما ارتباطي ، وهو ما إذا كان لجميع الأجزاء امتثال واحد ومخالفة واحدة ، كأجزاء الصلاة وشرائطها مثلا وله موارد كثيرة ، لأن الشبهة إما وجوبية أو تحريمية ، وكل منهما إما بين الكل والجزء ، أو بين الجنس والنوع ، أو بين المشروط والشرط ، ومنشأ انتزاع الشرط إما جهة خارجية ، أو ذهنية ، أو اعتبارية.
والتحقيق ـ كما عليه أهله ـ هو البراءة عن الأكثر عقلا ونقلا في جميع ما يتصور من موارد الأقل والأكثر مطلقا ، لأدلة البراءة العقلية والنقلية. وذهب جمع إلى الاحتياط.
ولا يخفى أن النزاع صغروي ، فمن يقول بالبراءة يقول إن الشك بالنسبة إلى الأكثر شك في أصل التكليف ، والمرجع فيه البراءة اتفاقا ولو كان معلوما لوجب الاحتياط ، ومن يقول بالاحتياط يقول إن التكليف معلوم بالنسبة إليه فوجب الامتثال ، ولو كان مشكوكا فيه لصح الرجوع إلى البراءة ، فيرجع النزاع إلى أن التكليف شمل الأكثر أو لا ، والمرجع في التشخيص هو المتعارف بين العقلاء ، فإن حكموا بتمامية البيان والحجة بالنسبة إلى الأكثر فلا محيص إلا من الاحتياط ، وإن ترددوا فيها أو حكموا بالعدم فيتحقق موضوع البراءة قهرا.
وإذا راجعنا العقلاء نراهم يعترفون بأنه ليس قيام الحجة بالنسبة إلى الأكثر كقيامها بالنسبة إلى الأقل ، وليس ثبوت الأكثر على كاهل المكلف ، كثبوت الأقل