وثالثة : بأن الظن الحاصل منها أقوى مما يحصل من الخبر الواحد فيشملها دليل اعتباره بالأولى.
ويرد : بأن اعتبار الخبر لا يدور مدار حصول الظن الشخصي.
نعم ، لا يبعد أن يكون حصول النوعي منه حكمة الاعتبار لا علة له بحيث يدور مداره.
ورابعة : بأن فتاوى القدماء عبارة عن متون الأخبار ، ليس فيها شيء وراءها ، فيشملها ما دلّ على اعتبار الشهرة العملية الاستنادية ، ففتاواهم توجب الوثوق والاطمئنان بوجود حجة معتبرة في البين ، وعن بعض المتتبعين : «ولقد عثرنا أثناء التتبع على مواضع كثيرة يستكشف من فتاوي الأصحاب وجود نص واصل إليهم ، مع أنه لا يكون من ذلك النص في المجامع والجوامع عين ولا أثر». وهذا بخلاف الطبقات المتأخرة فإنها كانت مثل زماننا هذا طبقة التفريع واستفراغ الوسع في ردّ الفروع إلى الاصول الواصلة إليهم من المعصومين عليهمالسلام ، وإن شئت فقسّم الطبقات إلى ثلاث : طبقة الأخذ والتلقي ، وطبقة الضبط فقط ، وطبقة التفريع ، والأخير أوسع الطبقات أفرادا وزمانا. وقال صاحب الجواهر قدسسره في بحث غسل الآنية التي يشرب فيها الخمر : «إن المحقق قدسسره يروي غالبا عن اصول ليست عندنا منها إلا أسماؤها».
وكيف كان ، يمكن أن يتمسك لاعتبار الشهرة بأقسامها الثلاثة بقوله عليهالسلام في المقبولة : «المجمع عليه بين أصحابك فيؤخذ به ويترك الشاذ النادر الذي ليس بمشهور عند أصحابك ، فإن المجمع عليه لا ريب فيه» ، وقوله عليهالسلام : «خذ بما اشتهر بين أصحابك» : بدعوى أنه عليهالسلام في مقام بيان القاعدة الكلية لاعتبار الشهرات الثلاث ، لكونها موجبة للوثوق بصدور الحكم عن المعصوم عليهالسلام ، وتطبيقها على الشهرة الروائية من باب تطبيق القاعدة على موردها ، لا لأجل الاختصاص به.