قاعدتين مختلفتين ، مع أن في اعتبار الدخول في الغير في قاعدة التجاوز كلاما يأتي إن شاء الله تعالى.
وما يقال : من أنه لا جامع بينهما حتى تكونا مورد دليل واحد بذلك الجامع.
مردود : بأن الجامع هو الشك في الشيء ، سواء كان في أصل تحققه ، كما في قاعدة التجاوز ، أو في صحته ، كما في قاعدة الفراغ ، فلا فرق بين كون الشك في أصل وجود الصحيح أو صحة الموجود.
واورد على هذا الجامع ..
تارة : بأن مورد قاعدة التجاوز إنما هو الشك في أصل التحقق ، ومورد قاعدة الفراغ إنما هو الشك في صحة المتحقق ، وهما متباينان فلا جامع بينهما.
وفيه : أن الجامع هو الشك في انطباق المأتي به على المأمور به ، وهو جامع قريب عرفي.
واخرى : بأن مورد قاعدة التجاوز هو الجزء ، ومورد قاعدة الفراغ هو الكل. والأول ملحوظ تبعا ، والثاني استقلالا ، وهما متباينان لا يجتمعان في استعمال واحد.
وفيه : أن اللحاظ وسيع جدا يصحح اجتماع اللحاظ التبعي والاستقلالي فيه في استعمال واحد ، بل هو شائع جدا ، فإن في التكلم بكلام يجتمع اللحاظان ، لأن أجزاء الكلام ملحوظة تبعا ، وتمامه ملحوظ استقلالا ، وكذا في جميع الأعمال المتدرجة الوجود التي لها أجزاء ووحدة اعتبارية.
وثالثة : بأنه مستلزم للتناقض فإنه إذا شك في جزء ، وقد دخل في غيره ، فمقتضى قاعدة التجاوز الصحة ، ومقتضى قاعدة الفراغ عدمها ، لكونه في الأثناء لا بعد الفراغ.
وفيه : أنه لا خلاف من أحد في تغاير موردهما ، واختصاص قاعدة الفراغ