فمطلق أحكامهم تعليقية وليست تنجيزية ، فهي معلّقة على عدم ورود التخطئة أو التخصيص من عقل آخر يكون قاهرا عليها الذي يكون نسبة جميع العقول إليه نسبة الشمع إلى الشمس ، فمع ورود التخطئة أو التخصيص لا حكم أصلا لها ، كما لا يخفى.
الخامس : لو قام ظن على عدم اعتبار ظن آخر يتعين الأخذ بالظن المانع ، لأن طرحهما معا مخالف لفرض تمامية النتيجة ، والأخذ بهما معا مخالف لاعتبار الظن المانع ، والأخذ بالممنوع ترجيح المرجوح على الراجح ، فيكون المقام من قبيل دوران الأمر بين التخصيص والتخصص ، فإن إخراج الظن المانع عن المقدمات يحتاج إلى مخصص ، ولكن خروج الظن الممنوع عنها يثبت بوجود الظن المانع ، ومع دوران الأمر بينهما مقتضى المحاورات العقلائية تقديم التخصص على التخصيص.
السادس : نتيجة دليل الانسداد على فرض التمامية إما حجية الظن في إثبات الواقع المعبّر عنه بالكشف ، أو كفاية امتثال مظنونات التكليف ـ المعبّر عنه بالحكومة ـ وأما اعتبار الظن بالفراغ بعد تعلّق أصل التكليف وثبوته بحجة معتبرة ، فلا ربط له بدليل الانسداد أصلا ، لعدم تكفّل مقدماته له. والنتيجة تابعة لها ، لأنه من المقدمات العلم بالواقع إجمالا ، وانسداد باب العلم والعلمي بالنسبة إليه ، وأين هذا مما إذا علم الواقع وتنجز التكليف به فعلا من كل جهة وظن بامتثاله؟! فمقتضى أصالة عدم الحجية عدم اعتبار مثل هذا الظن مع ما ارتكز في الأذهان : إن الاشتغال اليقيني يقتضي الفراغ كذلك : إلا إذا دلّ دليل خاص على تسهيل الشارع وتيسيره ، والاكتفاء بالامتثال الاحتمالي أيضا ، كما دل على عدم الاعتبار بالشك بعد الوقت ، وبعد الفراغ ، والتجاوز عن المحل ، ومثل حديث : «لا تعاد الصلاة إلّا من خمس» ، وغيره من القواعد الامتنانية التسهيلية.
السابع : الظن غير المعتبر ساقط عن الاعتبار مطلقا ، فلا يجبر به ضعف