قاعدة القرعة :
وهي : مما تعارف بين المسلمين فتوى وعملا ، بل وبين العقلاء أيضا في الجملة ، ويدلّ عليها ..
الكتاب في قصة يونس ، قال تعالى : (فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ) ، ومريم : (إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ).
والسنة : مثل قوله عليهالسلام : «فكل شيء مجهول ففيه القرعة» ، وما اشتهر في الكتب الفقهية : «القرعة لكل أمر مشكل».
ويختص مورد جريانها بالشبهات الموضوعية التي ينحصر رفع الشبهة فيها بخصوص القرعة فقط ، فلا تجري في مورد يجري فيه الاستصحاب وسائر الاصول الاخرى حتى البراءة ، وقاعدتا الحلّية والطهارة فضلا عن مورد تجري فيه الأمارة ، فلا موضوع معها للقرعة أصلا ، لأن موردها التحيّر المطلق من كل حيثية وجهة ، كما هو المتيقن من الأدلة اللبيّة ، والمتفاهم عرفا من الأدلة اللفظية ، فلا تعارض بينهما حتى تقدّم إحداهما على الاخرى.
ولا فرق في مورد جريانها بين كونه من حقوق الناس أو حقوق الله تعالى ، كما ورد في استخراج البهيمة المنكوحة بالقرعة.
ثم إنه قد أثبتنا في كتاب القضاء أن المجهول والمشتبه ـ الواردين في القرعة ـ هو الظاهري منهما دون الواقعي ، إذ لا يعقل التردد والجهل في الواقع من حيث هو واقع ، لما أثبتنا من أن الوجود مساوق للتشخّص ومناف للتردد ، كما لا إشكال في أن القرعة أيضا قد تصيب وقد تخطئ وما ورد في بعض الروايات من الإصابة لا بد وأن يحمل على حكمة الجعل. ويتوقف جريانها في كل مورد على عمل الأصحاب فهي ـ وقاعدة الميسور ، وقاعدة العدل والإنصاف ـ كجزء الدليل لا تمامه ، إذ لا اعتبار بها إلا بضميمة عمل الأصحاب.