الأمر الثالث
أقسام القطع وما يتعلّق بها
لا يخفى أن مقتضى طبع القطع أن يكون طريقا محضا إلى متعلّقه ـ كسائر الحجج والأمارات ـ فأخذه في الموضوع مطلقا يحتاج إلى دليل خاص يدل عليه ، ويكون فيه تابعا لمقدار دلالة الدليل فقط ..
فتارة : يؤخذ فيه على نحو يكون تمام الموضوع ، بأن يدور الحكم مدار القطع ، أخطأ أو أصاب.
وأخرى : يكون بنحو جزء الموضوع ، بأن يدور الحكم مدار القطع ومتعلقه معا بحيث ينتفي بانتفاء أحدهما.
وعلى كل منهما إما أن يؤخذ فيه من حيث أنه كاشف عن الواقع ، أو من حيث أنه صفة خاصة من صفات النفس في مقابل الظن والوهم وسائر الصفات النفسانية ، فهذه أربعة أقسام.
وعلى كل منها إما أن يؤخذ القطع بموضوع خارجي في متعلق حكم ، مثل أن يقال : إن قطعت بدخول الوقت وجب عليك الصلاة ، أو يؤخذ القطع بحكم في متعلّق حكم آخر ، مثل أن يقال : إن قطعت بوجوب الصلاة وجبت عليك الطهارة ، وهذه ثمانية أقسام ؛ وهى اصولها فى الجملة ويمكن تشعب أقسام أخر منها. وسيأتي إمكان أخذ القطع بحكم في موضوع نفسه أيضا ، فتكون الأقسام تسعة ، وبضميمة القطع الطريقي المحض تصير عشرة كاملة ، بل قد تكون أكثر.