ضررا نوعا أيضا أو لا. كما أن الظاهر أن المراد به الواقعي دون الاعتقادي.
نعم ، لو كان اعتقاد الضرر مستلزما لحصول الخوف ، وكان تحقق الخوف موجبا لرفع الحكم شرعا ، يترتب رفع الحكم على الاعتقاد من هذه الجهة ، لأن الخوف أمر وجداني لا واقع له غير وجدانه لا أن يكون اعتقاد الضرر موجبا لرفع الحكم ، كما لا يخفى.
الثالثة : كلمة «لا» المذكورة في الحديث : «لا ضرار ولا ضرر في الإسلام» تامة وليست ناقصة ، لأصالة عدم الاحتياج إلى الخبر ، وهي لنفي الحقيقة ، لأنه المنساق من موارد استعمالاتها ، فتكون الجملة حينئذ إخبارا عن عدم تحقق الضرر ونفي حقيقته خارجا في الإسلام ، وهو كذب والشارع منزه عنه ، ولهم في دفع الإشكال أقوال :
الأول : الحذف والإضمار ، أي لا ضرر غير متدارك في الإسلام.
وفيه : أنه خلاف الأصل والظاهر ، مع أنه إن كان في مقام الإخبار فيعود المحذور ، وإن كان إنشاء لإيجاب التدارك فهو يحتاج إلى قرينة ، وهي مفقودة.
الثاني : أن النفي بمعنى النهي ، أي : يحرم الإضرار على النفس وعلى الغير في الإسلام ، كما في «لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج» ، و «لا رضاع بعد فطام» ، و «لا رباء في الإسلام» إلى غير ذلك مما هو كثير.
وفيه : أنه احتمال حسن ثبوتا ، ولكن لا دليل عليه إثباتا بعد إمكان دفع الإشكال بغيره.
الثالث : ما عن صاحب الكفاية من أن النفي حقيقي بالنسبة إلى الحكم ، وادعائي بالنسبة إلى الموضوع ، فيكون المعنى أن الموضوع الضرري لا حكم له. ويصير من نفي الحكم بلسان نفي الموضوع.
وبعبارة اخرى : يكون النفي بالنسبة إلى الحكم من الوصف بحال الذات ، وبالنسبة إلى الموضوع من الوصف بحال المتعلّق.