الفصل الثالث
أصالة التخيير
والبحث فيها من جهات :
الجهة الاولى : في بيان موضوعها : تقدم أن المشكوك إما أن يلحظ فيه الحالة السابقة ، فيكون مجرى الاستصحاب. أو لا يلحظ ذلك ، وحينئذ فإن لم يعلم التكليف أصلا. ولو بجنسه ـ فهو مجرى البراءة ، وإن علم به وأمكن الاحتياط ، فيكون مورد الاشتغال ، وإن لم يمكن ذلك فيكون مجرى التخيير. فمورد التخيير المبحوث عنه في المقام متقوّم بأمرين : العلم بجنس التكليف ، أي : الالزام في الجملة فعلا أو تركا ، وعدم إمكان الاحتياط رأسا.
الجهة الثانية : أقسام التخيير ومجرى كل واحد منها في التوصليات والتعبديات الجهة الثانية : أن العلم بجنس التكليف إما في التوصليات أو في غيرها. أما الأول ، كما إذا علم بأن السكوت في آن واحد إما واجب أو حرام عليه ، فليس فيه إلا التخيير الفطري التكويني ، لأنه بحسب إرادته الارتكازية إما فاعل أو تارك ، ولا يجري فيه التخيير العقلي ، لأنه فيما إذا كان في البين خطابان فعليان تاما الملاك من كل جهة ولفقد الترجيح ، وعدم تمكن المكلف من الجمع بينهما يحكم العقل حينئذ بالتخيير ، أو كان خطاب واحد فعلي معلوم بنوعه وله أفراد متساوية من كل جهة ، فالعقل حينئذ يحكم بالتخيير بين الأفراد ، والمفروض أنه ليس في المقام إلا خطاب واحد مردد بين الوجوب والحرمة ، فالتكليف ليس