وعلى الثاني لا وجه له أيضا ، لأن المضادة والمعارضة والمنافاة إنما تحصل لأجل وجود ما فيه الاقتضاء ، وإلا فتكون الأطراف كالشبهات البدوية ، فتجري الاصول مطلقا بلا مانع عنها في البين.
الثالث : ما عن شيخنا الأنصاري قدسسره ، فإنه جعل المانع عن جريانها.
تارة : ثبوتيا من لزوم المخالفة العملية بلا فرق بين الاصول مطلقا حتى الاستصحاب.
واخرى : إثباتيا في خصوص الاستصحاب من مناقضة صدر دليله مع ذيله ، فإن قوله عليهالسلام : «لا تنقض اليقين بالشك» ، وقوله عليهالسلام في بعض الأخبار : «ولكن تنقضه بيقين آخر» متناقضان ، لأن مقتضى الصدر صحة استصحاب الطهارة في كل واحد من الإناءين اللذين علم بنجاسة أحدهما إجمالا ، فيجوز الارتكاب ، ومقتضى الذيل وجوب نقض اليقين بالطهارة باليقين بالنجاسة فيجب الاجتناب ، وليس هذا إلا التناقض والتنافي في الدليل والعلم بكذب أحد الاستصحابين ، فلا يجري الاستصحاب في أطراف العلم الإجمالي لذلك.
واشكل عليه .. تارة : بأنه ليس تمام أدلة الاستصحاب مذيلا بهذا الذيل.
وفيه : أن هذا الذيل فطري ارتكازي فذكره في بعضها يغني عن تمامها ، فالمطلقات منزلة عليه بقرينة الفطرة والارتكاز ، بل ليس هذا إلا التنافي الثبوتي الذي يسري إلى مقام الإثبات أيضا.
واخرى : بأنه يظهر منه قدسسره في مسألة ما إذا توضأ بمائع مردد بين الماء والبول ، صحة استصحاب طهارة الأعضاء وبقاء الحدث مع العلم ببطلان أحدهما ، ولا فرق بينها وبين المقام.
وفيه : أنه لا ربط لها بالمقام ، لأنه في الوضوء من إناء واحد من الإناءين الذين علم ببولية أحدهما إذا توضأ بأحدهما فقط ، لا علم فيه بنقض الحالة السابقة حتى يلزم التناقض من إجراء الأصلين ، والظاهر أنه قدسسره لا يقول به. وأما