بما بعد العمل ، والتجاوز بالاثناء ، فلا مجرى لقاعدة الفراغ في الأثناء حتى يلزم التناقض.
وقد اشكل على وحدتهما من حيث الكبرى بوجوه ضعيفة اخرى ، لا يخفى وهنها على من راجعها ، مع أن هذا النزاع ساقط من أصله ، إذ لا ثمرة عملية بل ولا علمية معتدا بها للوحدة والتعدد ، إلا دعوى أنه مع الوحدة لا بد وأن تجري قاعدة الفراغ في الأثناء في كل مورد تجري فيه قاعدة التجاوز ، وأن تجري قاعدة التجاوز في الوضوء أيضا ، مع أنه لا قائل بذلك.
وفيه : أنه بناء على الوحدة أيضا تكون لكل منهما خصوصية خاصة لدليل مخصوص دلّ عليه ، وذلك لا ينافي وحدة أصل الكبرى ، كما لا يخفى.
الجهة الثالثة : أنه على القول بكونهما من الأمارات تعتبر مثبتاتهما ، بخلاف القول بأنهما من الاصول ، والحق سقوط البحث عن هذه الجهة أصلا ، لما مرّ غير مرة من أن ما اشتهر من اعتبار مثبتات الأمارات دون الاصول لا أصل له بنحو الكلية ، بل يدور اعتبارها مدار الدلالة العرفية المعتبرة في المحاورات ، فمع وجودها تعتبر ولو في الاصول ، ومع العدم أو الشك فيها لا وجه للاعتبار ولو في الأمارات ، كما أن القواعد مقدمة على الاصول مطلقا ، سواء كانت من الاصول أو في الأمارات ، فلا ثمرة من هذه الجهة أيضا. فلا فرق بين كونهما من الأمارات أو الاصول.
وكيف كان ، لا ريب في تقديمهما على استصحاب عدم الإتيان بالمشكوك فيه ، وإلا لكان اعتبارهما لغوا مطلقا ، مع أن اعتبار الاستصحاب معهما لا يكون إلا على وجه الدور دون العكس ، كما تقدم ويأتي.
الجهة الرابعة : الفراغ ..
تارة : واقعي.
واخرى : إحرازي بوجه معتبر.