الخلاف وقد مرّ مرارا أن الاصول النظامية العقلائية لا تحتاج إلى التقرير ، ويكفي في اعتبارها عدم ثبوت الردع ، فلا وجه لفتح باب المناقشة على الآيات والروايات مع أن واحدة منها تكفي في استكشاف عدم ثبوت الردع ، خصوصا في الشريعة التي بنيت على التسهيل في الامور الفردية والنوعية. وإنما البحث في جهات :
الاولى : لا وجه للبحث عن أنها أصل ، أو قاعدة ، أو أمارة ، إذ لا ثمرة فيه لا عملية ولا علمية ، لتقدّمها على الاستصحاب على كل تقدير ، وعدم الكلية في اعتبار المثبتات كذلك ما لم تكن قرينة في البين وتقدم الأمارات المعتبرة عليها. ولكن لا ريب في تقدّمها على الاصول الموضوعية والحكمية الدالة على الفساد ما لم يكن دليل على الخلاف ، ولو قدّمت الاصول عليها لزم لغويتها وبطلان تشريعها مطلقا ، وهو واضح البطلان.
الثانية : المراد بالصحة الواقعية منها ، لأن المعاني الواقعية هي المنساقة في المحاورات ، مطلقا ما لم تكن قرينة على الخلاف ، وهي مفقودة في المقام ، مع أن الاعتقادية والظاهرية طريق إلى الواقع ، ولا موضوعية فيها بوجه ، فتكون اصالة الصحة كأصالة الإباحة في الأشياء ، وأصالة احترام النفس والعرض والمال وسائر الاصول النظامية التي متعلّقاتها واقعيات ما لم يدل دليل على الخلاف.
ثم إنه قد تتحد الصحة في نظر العامل والحامل اجتهادا أو تقليدا ، وقد تختلف ، ويمكن أن تكون الصحة في نظر العامل تمام الموضوع للصحة عند الحامل ، فلا بد له وأن يرتب عليه آثار الصحة ولا محذور فيه من عقل أو شرع ، وهو الذي تقتضيه سهولة الشريعة.
ولا فرق في جريانها بين ما إذا كان الشك في أثناء العمل أو بعد الفراغ منه ، للسيرة وإطلاق الأدلة.