المبحث الثاني
أصالة عدم الاعتبار وعدم صحة الاعتذار
تقدم أن موردها في مقام الانتساب إلى الشرع لا مرحلة الاقتضاء ، إذ لا معنى لجريان الأصل في ما فيه الاقتضاء.
واستدل على عدم الحجية والاعتبار بالأدلة الأربعة ..
فمن الكتاب : بآية الافتراء وهي قوله تعالى : (آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ).
وفيه : أن الافتراء هو الكذب العظيم أو العجيب ، ومجرد ما لم يعلم أنه صدق أو كذب ليس افتراء ، ولكن الظاهر أنه لا بد في استناد شيء إلى الشارع من التصديق بالصدور ، ومع عدمه يكون افتراء بالنسبة إليه ، وحينئذ تتم دلالة الآية.
ومن السنة : بمرفوعة محمد بن خالد عن أبي عبد الله عليهالسلام : «القضاة أربعة : ثلاثة في النار وواحد في الجنّة ـ إلى أن قال ـ ورجل قضى بالحق وهو لا يعلم فهو في النار ، ورجل قضى بالحقّ وهو يعلم فهو في الجنة».
وفيه : مضافا إلى قصور سنده ، أن التأمل في مساق الأخبار الواردة في القضاء يدل على أنه عليهالسلام فى مقام بيان التفصيل بين قضاة الجور وقضاة العدل ، فقوله عليهالسلام : «ورجل قضى بالحق وهو لا يعلم ـ أي لا يعتقد بالحق ـ وقوله عليهالسلام : رجل قضى بالحق وهو يعلم ـ أي يعتقد بالحقّ» ولا ربط له بالمقام.
ولكن قصور السند منجبر بالعمل ، وانطباقه على قضاة الجور من باب أحد المصاديق لا الخصوصية ، فلا قصور فيه دلالة ولا سندا.