التنبيه الخامس :
يعتبر في الاستصحاب اتحاد موضوع الشك واليقين ليكون الحكم فيهما من الحكم على الموضوع الواحد ، وإذا تعدد يكون إجراء حكم اليقين إلى مورد الشك من إسراء حكم ثبت لموضوع إلى موضوع آخر ، ولا ريب في بطلانه ، فيشكل جريانه في ما لا قرار له ويكون حال اليقين غير حال الشك ، كالزمان والزمانيات ، والمتدرجات مطلقا مما لا ربط لكل جزء من سابقه بلا حقه ، ويكون كل جزء محفوفا بعدمين.
ولكن هذا الإشكال باطل من أصله ، لأنه مبني على كون الاتحاد بحسب الدقة العقلية ، وأما إذا كان بنظر العرف فلا إشكال ، لحكمه بأن لجميع السيالات والمتدرجات وحدة عرفية اعتبارية ، كاليوم ، والليلة ، والأسبوع ، والشهر ، والسنة ، بل القرن والدهر ونحوها. وكذا جريان الدم والماء ونحوها ، فيصح الاستصحاب في جميعها لتحقق الوحدة العرفية للمستصحب من حيث اليقين والشك المتعلقين به.
وأما ما اجيب به عن الإشكال ، بأن التعدد إنما هو في الحركة القطعية وهي كون الشيء في كل آن في محل ، وأما في التوسطية وهي كون الشيء بين المبدأ والمنتهى فلا تعدد ، بل هي واحدة. فإن أريد به ما ذكرناه فهو ، وإلا فلا وجه له ، لأن الحركة التوسطية لا وجود لها إلا في فرض الذهن ومورد الاستصحاب لا بد وأن يكون خارجيا ، ولا يخفى أنه يجري في الزمان والزماني الاستصحاب الشخصي والكلي أيضا بما تقدم له من الأقسام.
ثم إن الزمان إما قيد للتكليف ، أو للمكلف به ، وعلى كل منهما إما أن يكون على نحو وحدة المطلوب ، أو على نحو تعدد المطلوب ، أو يشك في أنه من أي النحوين. ولا إشكال في جريان الاستصحاب في الزمان إن شك في بقائه