والحق أن يقال : إنه لا وجه لجريان أصالة عدم التذكية في مورد الشك في القابلية وعدمها ، لأن عدم القابلية لها مما لا يعلم إلا من طريق الوحي وينحصر العلم بها فيه ، فلو كان حيوان حراما واقعا ، وكانت فيه خصوصية الحرمة ، وجب على الشارع بيانها لانحصار طريق معرفتها ببيانه ، فعدم البيان في مثله يكفي في الحلية مع أن عمومات الحلية بيان ، مضافا إلى أن لنا أن نقلب الأصل ، ونقول مقتضى سهولة الشريعة المقدسة ، وإطلاقات الحلية ، أن الحرمة تتقوّم بخصوصية خاصة ، ومع الشك في تلك الخصوصية يجري الأصل الأزلي في عدمها ، فالحلية مرسلة مطلقة ، والحرمة مقيدة بالخصوصية.
وبالجملة : مقتضى عمومات الحلية وقاعدتها حلية كل حيوان ، وكذا مقتضى حصر ما لا تقع عليه التذكية في ما نص عليه بالخصوص ، ووقوع التذكية على كل حيوان إلا ما خرج بالدليل ، فلا موضوع لأصالة عدم التذكية من هذه الجهة.
نعم ، تجري في مثل الشك في الاستقبال ، والتسمية ما لم تكن أمارة على الخلاف.
ويشهد لذلك الأخبار التي يستفاد منها أصالة عدم التذكية ، فإن جلّها واردة في الشبهات الموضوعية ، ففي خبر أبي بصير : «فلما مضت الكلاب دخل فيها كلب غريب لا يعرفون له صاحبا فاشترك جميعا في الصيد ، فقال عليهالسلام : لا يؤكل ، لأنك لا تدري أخذه معلم أو لا». وفي خبر آخر : «فإن يتردى في جب ، أو وهدة من الأرض ، فلا تأكله ولا تطعمه ، فإنك لا تدري التردي قتله أو الذبح» إلى غير ذلك من الأخبار الواردة في الشبهات الموضوعية.
التنبيه الثاني : لا ريب في حسن الاحتياط غير المخلّ بالنظام نصا وإجماعا ، بل باتفاق العقلاء ، ولا إشكال فيه في التوصليات. بل يترتب عليه الثواب أيضا إن كان بعنوان الرجاء ، وكذا في العباديات مع دوران الأمر فيها بين الوجوب