وقد اشكل على اعتبارها صغرى وكبرى. أما الأول : فلأن جميع هذه الشهرات منتهية إلى شخص واحد من علمائنا ، كعلم الهدى أو الشيخ الطوسي أو غيرهما فاعتمدوا على سند الرواية بحسب أنظارهم الشريفة واعتمدت عليهم الطبقة اللاحقة وثوقا بهم ، فحصلت الشهرة التقليدية في الطبقات اللاحقة ، والمعتبر من الشهرة ما لم تنته إلى شخص واحد. وفى العيان ما يغني عن البيان ، إذ نرى بالوجدان أنه كثيرا ما ينقل شخص واحد شيئا في مجلس مثلا ويصير ذلك مشهورا بعد أيام ويترتب عليه آثار وخصوصيات ، والشهرات الفقهية أيضا كذلك ، وقد نبّه على هذا الإشكال شيخنا الشهيد الثاني قدسسره.
ويرد عليه .. أولا : أن من راجع سيرة أصحاب الأئمة وفقهاء أوائل الغيبة ، يعلم أنهم كانوا مواظبين ومهتمين غاية الاهتمام على ضبط الروايات ، جامدين على الاحتفاظ بعين ما وصل إليهم من الإمام عليهالسلام ، فكانت تلك الطبقات طبقة الضبط فقط والعمل بما ضبطوه ، فلا يعملون إلا بما يضبطون ولا يضبطون ولا يستندون إلا بما يعملون ، وكانت نسبة الأحاديث المضبوطة في تلك الأعصار نسبة الرسالة العملية في هذه الأعصار إذا كانت من مرجع منحصر واحد فقط ، ولذا عاب العامة عليهم وقالوا إنهم مقلدة ، وليسوا من أهل الاجتهاد في شيء ، ونسبوا فقه الإمامية إلى قلة الفروع ، قال ابن إدريس مشيرا إلى الخلاف والمبسوط : «وهذان الكتابان معظمهما فروع المخالفين» ، راجع حدّ المحارب من حدود الجواهر. ومن راجع الكتب المؤلفة في تلك الطبقات يجدها متون الأحاديث والروايات ، فراجع المقنع والمقنعة ، والمراسم والنهاية وغيرها ، بل قد ينسب المتفرع في الفقه إلى القياس والاستحسان ، لكثرة الجمود على متون الأحاديث ، وأول من فتح هذا السد القديمين قدسسرهما ـ وهما ابنا جنيد وأبي عقيل ـ ثم الشيخ الطوسي قدسسره ، فكل حديث كان معمولا به وكل عمل كان مستندا إلى حديث إلا في موارد ظهر الخلاف فيها ، فليست الشهرات العملية الاستنادية