المنفكة عنه ، فلا يتصور فيها جريان أصالة العدم بالعدم النعتي العارض على الموضوع ، بل ما هو المتصور منها إنما هو (أصالة عدم تحقق القابلية للتذكية) بالعدم الأزلي السابق على كل حادث ، لأن القابلية أيضا حادث من الحوادث مسبوق بالعدم الأزلي ، فيجري الأصل فيه حينئذ كجريانه في جميع الحوادث المسبوقة بالعدم ، سواء كانت من الذوات أو من لوازمها.
إن قلت : نعم ، ولكن المستصحب هو كلي عدم تحقق قابلية التذكية ، والمطلوب هو إثبات عدم قابلية هذا الموضوع الخارجي لها ، فيصير الاستصحاب مثبتا بالنسبة إليه.
قلت : هذا الإشكال جار في جميع استصحابات الأعدام الأزلية ، ولا اختصاص له بخصوص المورد ، والجواب أن الكلي والحصة متحدان مع الفرد الخارجي وإن كان بينهما فرق اعتباري عقلي ، فلا يكون الأصل مثبتا ، فهو كاستصحاب عدم العام لإثبات عدم الخاص المتحد معه.
هذا ، ولكن الاستصحاب في الأعدام الأزلية بعيد عن الأذهان العرفية المنزلة عليها الأدلة ، مع أنه معارض باستصحاب عدم الخصوصية المقتضية للحرمة ، وبعد المعارضة والسقوط تصل النوبة إلى الأصل الحكمي الذي هو أصالة الحلية والطهارة ، فيكون حلالا وطاهرا ، والتفكيك بينهما بالحرمة والطهارة بدعوى : أن المحللات محصورة وليس المورد منها ، فيكون حراما.
مردود : بدعوى العكس ، فيحل حينئذ لا محالة.
وكذا دعوى أن الحلية تعلقت بأمر وجودي وهو الطيبات ، فلا بد من إحراز الطيبية ، وإلا فتشمله أدلة الخبائث فيكون حراما.
مردودة : أيضا بالنقض بأن الحرمة تعلّقت بالأمر الوجودي الذي هو الخبائث ، فلا بد من إحرازه ، وإلا فيكون حراما ، مع أنه يمكن منع كون الطيب أمرا وجوديا ، بل هو عدمي أي ما لا يستقذره الطبع ، فراجع المطولات.