إن قلت : فعلى هذا تقبل رواية مجهول الحال ، فيرجع البحث إلى أن ظهور الكذب مانع عن القبول ، لا أن يكون الصدق والوثوق شرطا له ، مع أنه لا تشمله الإطلاقات ، لأنه من التمسك بالعام في الموضوع المشتبه ، والمتيقن من السيرة العقلائية خلافه.
قلت : إن كان المراد بالمجهول ـ كما اصطلحوا عليه ـ من لم يعرف عقيدته وإن كان موثوقا به ، فلا ريب في قبول خبره ، لقبول خبر الموثوق به وإن كان فاسد العقيدة فضلا عما إذا لم تعلم عقيدته. وإن كان المراد به الجهل بوثاقته وصدقه في مقاله من جهة شيوع القدح فيه ، فالظاهر سقوط ما مرّ من ظهور حال الراوي بالنسبة إليه ، فلا وجه للقبول ، وحينئذ فمقتضى إطلاق الأدلة اللفظية والسيرة ترتيب الأثر على خبر من أمكن تحقق أول مرتبة الوثوق بالنسبة إليه ، وهذا هو مقتضى سهولة الشريعة أيضا ، كما أن مقتضى الإطلاقات ترتيب آثار العدالة على من اتصف بأول مرتبتها ، ولا يعتبر الاتصاف بما زاد عليها ، كما هو أوضح من أن يخفى.
ثم إنه لو احرز الوثوق بالصدور من قرائن اخرى تأتي الإشارة إليها إن شاء الله تعالى ، يقبل خبر من عرف بالكذب فكيف بمجهول الحال.
ومن ذلك يظهر أن بعض مراتب الضعف لا تنافي بعض مراتب الوثوق والصدق ، فلا وجه لطرح كل ضعيف خصوصا بالنسبة إلى جملة كثيرة من التضعيفات ، كما هو معلوم على الخبير.
السابعة : عمدة ما نحتاج إلى التوثيق فيه إنما هو الواجب والحرام نفسيا كان أو غيريا ، لبناء العلماء في غيرهما على المسامحة في السند ، ودواعي الكذب فيهما قليلة جدا ، خصوصا مع بناء المعصومين عليهمالسلام والثقات من الرواة على تفضيح من يشم منه رائحة الكذب فيها. وقد شاع من عصر النبي صلىاللهعليهوآله وفي زمان المعصومين عليهمالسلام القول بوجود الكذابين ، ولنفس هذه الإشاعة أثر مهم في