باستحبابه ، فالمتيقن ترتب الثواب عليه ، وأما أنه لو جفت بلة يده ولم يتمكن من المسح بها ، ففي جواز أخذها من محل الاسترسال والمسح بها إشكال ، لقصور الأدلة عن إثبات غير الثواب.
الجهة الثالثة : قد جرت سيرة العلماء على التسامح في المندوبات التوصلية ، وفي أدلة المكروهات ، والفضائل ، والمعاجز ، والأخلاقيات ، وما ورد لدفع الأوجاع والأمراض ، وما ورد لقضاء الحوائج من الصلوات والدعوات وغيرها ، وما ورد في الامور التي لها آثار وضعية دنيوية. مع أن أدلة المقام مشتملة على الثواب ـ كما مرّ ـ ولا يبعد أن يكون الوجه في ذلك أنهم قدس سرّهم حملوا الثواب على مجرد المثالية ، وأنه ذكر من باب الغالب والترغيب لا الخصوصية ، فيكون المعنى : أن من بلغه شيء عن النبي صلىاللهعليهوآله في غير الواجب والحرام ، يترتب أثر ذلك الشيء عليه وإن كان رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يقله ؛ ويمكن أن يكون مدرك التسامح في غير الثواب الإجماع على التسامح فيه أيضا. ويمكن الاستدلال على التسامح في ذلك كله بقولهم عليهمالسلام في جملة من الأخبار : «الحكمة ضالة المؤمن ، فحيث ما وجد أحدكم ضالته فليأخذها» ، إذ لا ريب في أن ذلك كله فيه من الحكمة ، وقد فسّرت بكل ما فيه خير وصلاح. فتأمل.
وكيف كان ، فهل تشمل قاعدة التسامح فتوى المشهور أو الفقيه الواحد باستحباب شيء مع عدم ذكر المدرك؟ وجهان ، بل قولان : من أنه لم ينسب إلى السنة أولا وبالذات فلا تشمل ، ومن انتهائهما إليها فتشمل ، ومقتضى التسامح في المندوبات هو الثاني.
التنبيه الثالث : قد مرّ الاتفاق على البراءة في الشبهات الوجوبية ، بلا فرق فيها بين العيني والكفائي وغيرهما من أقسام الوجوب ، لكن مع احتمال الإباحة أيضا ، وأما لو علم بالوجوب وتردد بين كونه تعيينيا أو تخييريا ، فهذه هي المسألة المعروفة في الفقه والاصول بدوران الأمر بين التعيين والتخيير ، والمشهور فيها هو الأول ، لكنه من موارد قاعدة الاشتغال ، ولما مرّ في مباحث