من العدم إلى الوجود كذلك ، لا التحقق من كل حيثية وجهة بجميع القيود والشرائط المعتبرة ، وإلا فلا نحتاج إلى قاعدة الصحة ، فيكون المقام نظير التمسك بالعمومات والإطلاقات في المعاملات لنفي القيود المشكوكة ، فكما يكفي فيها مجرد التحقق العرفي في الجملة لئلا يكون التمسك بها من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية ، فكذا المقام.
نعم ، لو كان الشك مستلزما للشك في أصل الوجود العرفي لا وجه لجريانها حينئذ.
ولعل نظر المحقق الثاني قدسسره حيث ذهب إلى عدم الجريان إلا بعد استكمال الشرائط إلى ما قلناه ، فراجع وتأمل ، هذا كله إذا شك غير المتعاملين في صحة العقد وفساده ، أو اعترف أحدهما بصحته وقال الآخر بالفساد إجمالا من دون الاعتراف بمنشإ الفساد بالخصوص. وأما لو قال أحدهما بالصحة وقال الآخر : إني ما كنت راضيا ـ مثلا ـ حين العقد ، يشكل جريانها حينئذ ، لأن المتيقن من الإجماع والسيرة غير هذه الصورة ، بل ظاهر جمع كثير عدم الجريان ، فإذا عقد رجل على بنت الأخ وادعت العمة عدم الإذن وادعى هو الإذن ، فإن الفقهاء يقدّمون قول العمة ، مع أن مقتضى أصالة الصحة تقديم قول الرجل ، راجع نكاح العروة فصل (المحرمات بالمصاهرة) ، والمسألة منقحة في كتاب القضاء من كتاب (مهذب الأحكام).
الرابعة : مقتضى إطلاق الأدلة اللفظية والسيرة ترتيب جميع آثار الصحة مطلقا ، فكل أثر يترتب على الصحيح الواقعي يترتب على مشكوك الصحة أيضا ، فلو شك في صحة بيع الصرف من جهة الشك في تحقق القبض في المجلس ، أو في بيع الوقف من عروض المجوز ، أو في بيع الفضولي من جهة لحوق الإجازة ، أو في عمل النائب من جهة الشك في فراغ ذمة المنوب عنه به ، فالكل من مجاري القاعدة ، وبجريانها تترتب آثار الصحة مطلقا حتى بالنسبة إلى