أما أصل وجوبه فتدل عليه الأدلة الأربعة ..
فمن العقل : قاعدة دفع الضرر المحتمل الجارية في العمل لكل من الاصول اللفظية والعملية قبل الفحص في الأدلة ، فلا موضوع لاعتبارها مطلقا قبل الفحص ، لأن الشك في الاعتبار يكفي في عدمه ـ كما مر سابقا ـ بلا فرق بين الاصول اللفظية والعملية فلا موضوع لاعتبار أصالة الإطلاق والعموم والبراءة ، والتخيير ، والاستصحاب قبل الفحص في الأدلة.
ومن الكتاب : بآية النفر وهي قوله تعالى : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) ، والسؤال وهي قوله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ).
ومن السنة : بالأخبار المستفيضة الدالة على الحض والترغيب إلى طلب العلم والتوبيخ على تركه ، كما لا يخفى على من راجع الكافي والبحار.
ومن الإجماع : إجماع الإمامية بل المسلمين عليه ، بل يصح أن يقال إن موضوع الاصول مطلقا الشك المستقر ، ولا استقرار له قبل الفحص ، فهو خارج عن مورد الاعتبار تخصصا ، ومقتضى إطلاقها عدم الفرق في وجوبه بين الشبهات الحكمية والموضوعية ، إن كان لها المعرضية العرفية للوقوع في خلاف الواقع ، ولم يكن مطلق الجهل عذرا ولو مع التقصير.
واستدل على عدم وجوب الفحص في الشبهات الموضوعية ..
تارة : بالإجماع.
واخرى : بأن بيانها ليس من عهدة الشارع حتى يتفحص عنها في الأدلة.
ويرد الأول بعدم تحققه لذهاب جمع إلى وجوبه في جملة منها مع عدم دليل عليه بالخصوص.
والثاني بأنه لا يعتبر في الفحص أن يكون في الأدلة مطلقا ، وإنما يختص ذلك بخصوص الاصول الحكمية وأما في غيرها فإنه في كل ما يرتفع بالفحص