التنبيه العاشر :
يجري الاستصحاب في الاعتقاديات ، كجريانه في الفرعيات لعموم أدلته وإطلاقاتها ، وتسميته بالأصل العملي باعتبار الغالب ، مع أنه أعم من العمل الجارحي والجانحي.
ثم إن الاعتقاديات على أقسام ..
فتارة : يكون المطلوب فيها مجرد الاعتقاد بالواقع على ما هو عليه من دون لزوم تحصيل العلم به.
واخرى : يلزم تحصيل العلم به ، وعلى كل منهما ..
تارة : يكون مورد الاستصحاب نفس الموضوع.
واخرى : هو الحكم. وعلى كل من هذه الأقسام الأربعة ..
تارة : يكون الحاكم به هو العقل ، واخرى : يكون هو الشرع. فهذه ثمانية أقسام ، ولا وجه لجريان الاستصحاب في الموضوع في جميع هذه الصور ؛ سواء كان مما يكفي فيه مجرد الاعتقاد ، أو لزم تحصيل العلم به ، لأن الاستصحاب متقوّم بالشك والتردد ، والاعتقاد متقوّم بالجزم أو العلم. وهما لا يجتمعان إلّا أن يدل دليل من الخارج على كفاية الجزم والعلم التعبدي في الاعتقاديات أيضا.
وأما الاستصحاب في الحكم فلا محذور فيه إن كان الحاكم هو الشرع ، بل وكذا إن كان هو العقل وقلنا بكفاية عدم الردع في الأثر الشرعي ، وإلا فيختص جريانه بما إذا كان الحاكم هو الشرع فقط ، بل يمكن أن يقال بعدم جريان الاستصحاب في الشبهة الحكمية مطلقا ، لأن اللازم في الاعتقاديات تحقق العجز عن تحصيلها ، فمع العجز لا وجه للاستصحاب. وكذا مع عدم إحراز العجز لوجوب تحصيلها إلى أن يظهر العجز أيضا ، فلا مورد للاستصحاب في