الله جلّ جلاله في القرون الخالية والأمم الماضية بالنسبة إلى التعذيبات الدنيوية ، وليست في مقام بيان نفي العقاب الاخروي الذي هو محل البحث في المقام.
وفيه : أنها مطلقة تشملهما معا ، وهو المناسب لرأفته تعالى على عباده لا سيما بالنسبة إلى أمة خاتم أنبيائه.
وثانيا : بأن المنساق منها عرفا نفي فعلية العذاب ، لا نفي أصل الاستحقاق ، والثاني هو المفيد للمقام دون الأول.
وفيه : أن دعوى الملازمة العرفية بين نفي الفعلية ونفي الاستحقاق قريبة جدا ، خصوصا بالنسبة إلى عنايات الله غير المتناهية ، سيما قبل تمامية البيان والحجة ، لأن الملازمة حينئذ متحققة ، وخروج الظهار عن هذه الملازمة ـ على فرض التسليم ـ إنما هو لدليل خاص لا يضر بدعوى الملازمة ما لم يدل دليل على الخلاف ، وقد ورد الدليل على عدم الفعلية في مورد الشفاعة ومورد تكفير السيئات بالحسنات وبقي الباقي ، مع أن هذه الموارد خارجة تخصصا عن المقام لتمامية الحجة فيها على الحرمة ، فلا وجه للقياس ، فتتم دلالة الآية على البراءة ، ومع ذلك لا تكون دليلا تعبّديا ، بل تكون إرشادا إلى قاعدة قبح العقاب بلا بيان كما لا يخفى.
ثم إنه قد استدل بها الأخباريون على عدم الملازمة بين حكم العقل والشرع ، إذ لا ريب في ثبوت حكم العقل بحسن الإحسان وقبح الظلم قبل بعث الرسل ، فإن تمت الملازمة بين الحكمين يلزم ثبوت العقاب قبل البعثة أيضا ، لقاعدة الملازمة ، مع أن الآية تنفي العقاب فتبطل الملازمة بالآية.
وفيه : أن مورد الملازمة ـ كما مرّ ـ ما تطابقت عليه آراء العقلاء كافة ، كحسن الإحسان ، وقبح الظلم. ولا دليل على عدم العقاب في الظلم قبل البعثة مع استقلال عقل مرتكبه بقبح فعله ، والآية في مقام نفي العقاب قبل بعث الرسل كما ينبغي أن يؤخذ منهم ، لا نفي العقاب قبل البعثة مطلقا حتى في ما استقلت